في إسطنبول عام 1927 ولدت نزيهة سليم لتعود مع أسرتها إلى بغداد حيث ستبني بصمتٍ يواري عمق تأثيره أحد أهم أركان الفن العراقي المعاصر.
نشأت نزيهة سليم في بيت يفيض بألوان الطلاء وهمسات الفرشاة. كان والدها الحاج محمد سليم رساماً موهوباً وأمها مطرزة ماهرة بينما كان إخوتها الأكبر شعلات من الإبداع وعلى رأسهم أخوها الفنان الشهير # جواد سليم في هذا المحراب الفنيّ نبت حبها للرسم ليس كمجرد موهبة عابرة بل كطريقة حياة وكينونة وجودية.

سافرت إلى باريس حاملةً حلم جيل كامل لتصبح واحدة من أوائل العراقيات اللاتي يدرسن الفن في أوروبا و هناك، تشربت تقنيات الحداثة لكن عيناها بقيتا معلقتين بوجوه النساء العراقيات بقصصهن وتقاسيم أيامهن.
عندما عادت لم تكتفِ بالإمساك بالفرشاة بل أمسكت بيد جيل جديد من الفنانين وكتبت بقلمها سجلاً لتاريخ الفن في معهد الفنون الجميلة حيث علّمت لسنين لم تكن مجرد ناقلة للمعارف بل كانت حارسةً لروح فنية عراقية خالصة ولم يكن تدريسها هو إسهامها الوحيد ففي عام 1977 أصدَرت بوصفها مؤلفة كتاباً تأسيسياً بعنوان "العراق الفن المعاصر" ليظل مرجعاً أصيلاً يعود إليه الباحثون والمهتمون ووثيقةً خالدة تحفظ تاريخ الحركة الفنية في العراق.
كانت لوحاتها حكايات منسوجة من نور وطين وجوه نساءٍ قويات، حاملات الجرار، الحاصدات، الأمهات، والإلهات القديمات لم تكن المرأة في أعمالها موضوعاً للرسم فحسب بل كانت الراوية والبطل والحكاية ذاتها عبرت بألوانها عن تحولات عميقة في حياة المجتمع.
كانت، مع رفاقها "جماعة الرواد" تمثل ضمير الحركة الفنية في العراق سعوا إلى خلط الأصيل بالمعاصر ليكوّنا بصمة لم تُنسَ.
في سنواتها الأخيرة أصيبت بجلطة شلّت جسدها لكنها لم تشلّ روحها التي ظلت تراقب العالم من عينيها توفيت في بغداد في فبراير 2008 تاركةً وراءها إرثاً من الألوان والكلمات والروح وإيماناً راسخاً بأن الفن هو أقوى أنواع الصمود.























