بين ظلال الذاكرة وأضواء البعد تنسج سعاد الحاج علي صادق العطار الشقيقة الكبرى للفنانة الراحلة # ليلى العطار عوالمها على لوحات تمتد جسوراً بين الماضي والحاضر وُلدت في بغداد عام 1942 لتحمل معها إرثاً فنياً وأسرياً مميزاً تحمل سعاد بين يديها ريشةً تختزل تراثاً بصرياً عريقاً وأخرى تخطّ بها حداثةً لا تنقطع عن جذورها.
هجرتها لم تكن مجرّد انتقال في المكان بل كانت رحلةً داخليةً بحثاً عن مساحةٍ للروح حين غادرت بغداد مع زوجها وأولادها عام 1976 حَمَلَت معها بذور الحنين وورود الحرية في لندن حيث استقرّت وجدت أن البُعد عن الوطن لا يقتصر على الفراق بل يمنحُ أيضاً مساحةً للتأمل وإعادة الاكتشاف هناك في تلك المسافة أدركت علاقتها بماضيها وترابها وذكرياتها وبدأت تُشكّل لغةً بصريةً خاصّةً تكون فيها الحريةُ أساساً لكل لونٍ وخطّ.
أمّا فنها فهو حوارٌ صامت بين الحضارات تستحضر في أعمالها تقاليد الفن الإسلامي بكل رموزه وزخارفه لكنها لا تكرّسها كما هي تأخذ من النقوش الآشورية قدسيتها ومن المنحوتات السومرية عمقها ومن المخطوطات البغدادية رونقها ثم تصهرها جميعاً في بوتقة خيالها الرومانسي تضيف إلى ذلك حساسيةً غربيةً في التصوير فتُولد لوحاتٌ يحلق فيها السرد جنباً إلى جنب مع الرمز حيثُ لا يحكيان قصةً واحدةً بقدر ما يفتحان أبواباً متعددةً للتأويل.
مسيرتها الفنية حافلة بالمعارض والجوائز فقد قدّمت أكثر من عشرين معرضاً فردياً كان أولها في بغداد علامةً فارقةً في تاريخ الفن العراقي كأول معرض منفرد لفنانةٍ هناك حصلت على جوائز عدّة منها الجائزة الأولى في بينالي القاهرة وجائزة التميز في بينالي مالطا عام 1995 أما أعمالها فقد وجدت طريقها إلى مجموعات فنية مهمة حول العالم من المتحف البريطاني إلى مجموعة غولبينكيان.
وفي عام 2004 صدر في لندن دراسةٌ توثيقيةٌ شاملةٌ عن مسيرتها كاشفةً عن عمق تجربتها وثراء مخيّلتها تُظهر هذه الدراسة كيف استطاعت سعاد أن تحوّل الحنين إلى فن والذاكرة إلى ألوان والحرية إلى فضاءاتٍ تشكيليةٍ تتراءى فيها الأشكالُ وكأنها أطيافٌ من عالمٍ موازٍ يمتزج فيه الواقع بالأسطورة والتراث بالحداثة.










