بين ضفاف دجلة الخالد، وفي أحضان بغداد الحبيبة، وُلدت ليلى الحاج علي صادق العطار عام 1944 حملت منذ نعومة أظفارها ريشةً لم تكن مجرد أداة للرسم بل كانت امتداداً لروحٍ تواقة إلى الجمال. في طفولتها، كانت ترسم العالم بألوان بريئة، وفازت بجائزة المسابقة العالمية للأطفال في الهند وهي في السابعة من عمرها، نبوغٌ مبكرٌ بشّر بميلاد فنانة ستترك أثرها في سماء الفن العراقي.
تخرجت من أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عام 1965، وكانت من أوائل الخريجات، لتبدأ رحلتها الفنية التي مزجت فيها بين الإدارة والإبداع. تولّت إدارة المتحف الوطني للفن الحديث، وأصبحت مديراً عاماً لدائرة الفنون، ومديرة لمركز صدام للفنون وقاعة بغداد، مناصبُ حملتها بجدية، لكنها ظلت دوماً ذلك القلب الشغوف باللوحة واللون.
في حياتها الخاصة بنت عالماً خاصاً مع زوجها المحامي عبد الخالق جريدان، وأسست أسرةً أنجبت ثلاثة أبناء سكنت في الكاظمية أولاً ثم انتقلت إلى شارع الأميرات في المنصور حيث كان منزلها مجاوراً لمنزل شقيقتها الكبرى الفنانة # سعاد العطار.
على المستوى الفني أقامت خمسة معارض شخصية داخل العراق وشاركت في معارض عربية ودولية مهمة منها بينالي الكويت والقاهرة حيث فازت بجائزة الشراع الذهبي لقبت بـ “سوسنة بغداد الجميلة” و”سيدة الهدوء في الشرق الأوسط” و”أميرة الصمت”، ألقابٌ جاءت منسجمة مع شخصيتها وأسلوبها الفني الذي تميز بالعمق والشاعرية لوحاتها كانت تحمل روحاً حزينة أحياناً، تعبر عن اغترابٍ وجمالٍ مؤلم مع طبيعة جرداء وأشجار بلا أوراق، وكأنها ترسم صمت العالم بكل ما فيه من جمال وقسوة.
في مساء السابع والعشرين من يونيو عام 1993 سقط صاروخ على منزلها في حي المنصور خلال الغارات الأمريكية على بغداد، لترحل ليلى وزوجها مع ثمانية آخرين، وتُصاب ابنتها ريم بفقدان البصر رحلت الجسد لكن لوحاتها ظلت تشهد على روحٍ رقيقة رأت العالم بألوان مختلفة روحٍ ستظل تروي حكاية بغداد بجمالها وحزنها الأصيل.
