إن إهداء الأعمال الفنية لمن يستحقها ويقدّر قيمتها يعدّ فعلًا إنسانيًا راقيًا يحمل في طيّاته رسالة عميقة تتجاوز مجرد العطاء المادي فهو تعبير عن ثقة الفنان أو المبدع بمن يهدي إليه عمله وثقة بأن هذا الشخص سيحسن استقبال هذا الجهد الفني وسيحافظ عليه كجزء من إرث ثقافي وجمالي له مكانته
إن العمل الفني ليس مجرد مادة ملموسة بل هو خلاصة فكر وتجربة وعاطفة وإهداؤه لمن يفتقد الحس الجمالي أو لا يدرك قيمة الفن يشبه زرع وردة في أرض قاحلة لن تنمو ولن تُزهر لذلك فإن اختيار من يستحق هذا الإهداء أمر بالغ الأهمية لأن من يُدرك قيمة العمل الفني سيصونه من الإهمال وسيمنحه الحياة من خلال التفاعل معه والنظر إليه بعين تثمّن الجهد وتفهم الرسالة
إن احترام الفن لا يكون فقط بشرائه أو اقتنائه بل بالمحافظة عليه وإعطائه الحضور الذي يليق به وإدراك أنه يحمل في داخله جزءًا من روح مبدعه أما من يتعامل مع الفن كسلعة أو زينة مؤقتة فسرعان ما يُهمل العمل أو يُشوّه معناه ولذلك فإن الفنان الحقّ لا يهدي عمله إلا لمن يقدّر هذا الجهد ويحترم هذه الروح ويجعل من العمل الفني ضيفًا دائمًا في فضائه لا قطعة مهملة على رف إن هذه العلاقة بين الفنان والمُهدى إليه يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل والمعرفة الحقيقية بقيمة الفن كوسيلة للتعبير والتأثير والتوثيق وعندما يجد الفنان هذا الشخص الذي يعي قيمة العمل ويمنحه التقدير المستحق فإنه لا يهدي عمله فحسب بل يهدي جزءًا من نفسه ومراحل نضجه الفني والإنساني