من قلب القاهرة العتيقة حيث القصور التي تحكي تاريخاً عريقاً ولدت إنجي حسن أفلاطون في السادس عشر من نيسان عام 1924 نشأت الفتاة بين جدران قصر عائلي يحمل عبق الماضي لكن عيناها كانتا تتطلعان إلى مستقبل مختلف في مدرسة القلب المقدس الفرنسية الداخلية ثم الليسية الفرنسية بدأت تتشكل ملامح فتاة ستغير وجه الفن المصري الحديث.
لم تكن رحلة إنجي الفنية تقليدية فقبل أن تلتحق بأي أكاديمية فنية كانت قد بدأت ترسم بحبر القلب وألوان الروح حين لمس والدها شغفها استقدم لها معلماً خاصاً لكن القدر كان يخبئ لها لقاءً سيغير مسارها الفني كان كامل التلمساني نافذتها الأولى على عالم الفن الحقيقي، حيث قدم لها كنوز التراث وفلسفة الجمال وفتح أمامها آفاقاً جديدة من خلال المراجع والصور الفنية بين عامي 1942 و1945.
اتخذت إنجي من السريالية مركباً تعبر به عن عالمها الداخلي فحولت أحلامها وكوابيسها إلى لوحات أخاذة في لوحات مثل "الوحش الطائر" (1941) و"الحديقة السوداء" (1942) و"انتقام شجرة" (1943) نسجت حكايات بصرية تثير الدهشة وانضمامها إلى جماعة "الفن والحرية" مع فنانين كبار مثل محمود سعيد وفؤاد كامل أكسب تجربتها بعداً جديداً.
لم تكن إنجي فنانة تنتمي إلى محيطها المحلي فقط بل حملت فنها إلى العالم من معرضها الأول عام 1951 الذي غلب عليه الطابع الواقعي الاجتماعي، إلى مشاركاتها في بينالي البندقية وساو باولو ومعارضها في دوسلدورف وبرلين وموسكو ونيودلهي وواشنطن، كانت سفيرةً للفن المصري بامتياز.
لم تقتصر عطاءات إنجي على الفن التشكيلي بل امتدت إلى الكتابة والنضال الاجتماعي في كتبها مثل "80 مليون امرأة معنا" (1947) و"نحن النساء المصريات" (1949) دافعت عن حقوق المرأة وعكست رؤيتها للتغيير الاجتماعي.
حصلت على وسام "فارس للفنون والآداب" من فرنسا عام 1986 تقديراً لإسهاماتها الفنية البارزة وفي السابع عشر من نيسان 1989 رحلت الفنانة عن عالمنا لكن إرثها الفني بقي شاهداً على تجربة استثنائية جمعت بين الإبداع الفني والنضال الاجتماعي وتركت خلفها أكثر من مجرد لوحات بل تراثاً إنسانياً يظل مصدر إلهام للأجيال التالية.

























