(Art Block) الجمود الإبداعي

عندما يتوقف الإبداع رحلة داخل صمت الفنّان

أحياناً يقف الفنان في مرسمه محاطاً بأدواته وألوانه لكن شيئاً ما قد توقف الفراشات التي كانت ترفرف في داخله أصبحت ساكنة والألوان التي كانت تغني صامتة هذه اللحظة التي تسمى "البلوك آرت" هي محطة وجودية في حياة كل مبدع حيث يصبح الحوار بين الرؤية والقدرة صمتاً مؤقتاً.

هذه الحالة ليست عجزاً بل هي جزء طبيعي من الدورة الإبداعية قد تأتي بسبب الإرهاق المتراكم من العمل المتواصل أو بسبب وطأة التوقعات التي تحول المتعة إلى عبء أحياناً يكون الخوف من عدم الكمال هو القيد الحقيقي أو ربما حاجة الروح إلى استراحة تعيد شحن طاقاتها الإبداعية.

لكن في قلب هذه الأزمة تكمن هدية خفية إنها دعوة لإعادة اكتشاف الجوهر الحقيقي للإبداع العودة إلى الأساسيات إلى تلك النقطة التي بدأت منها الرحلة حيث كان الشغف هو المحرك الوحيد.

التحول الحقيقي يبدأ عندما نغادر المسارات المألوفة بتجربة تقنيات جديدة أو العمل على أسطح غير تقليدية أو تغيير زاوية النظر إلى الموضوعات اليومية الأهم هو السماح بالخطأ بل والترحيب به كجزء أساسي من عملية التعلم.

التغذية البصرية تصبح المنقذ الطبيعي ليس عبر تقليد أعمال الآخرين بل من خلال استيعاب روحها وفلسفتها دراسة كيفية تعامل الأساتذة مع التحديات وكيف حولوا العيوب التقنية إلى ميزات إبداعية فكما اعتاد بيكاسو أن يقول: "أنا لا أبحث، أنا أجد" مدركاً أن الاكتشافات الكبرى تأتي من خلال الاستعداد لتقبل المفاجآت الإبداعية.

ولا ينبغي إغفال دور الترفيه عن النفس وممارسة الهوايات الأخرى في تجديد الطاقة الإبداعية فكما كان الفنانون العظام يجدون في تنوع اهتماماتهم منبعاً للإلهام يمكن للفنان المعاصر أن يستعيد شغفه من خلال الانشغال بأنشطة جديدة كممارسة الموسيقى السفر البستنة أو غيرها فكلها أنشطة تفتح مسارات عصبية جديدة وتثري الخيال.

الإدراك الأعمق أن هذه المرحلة هي جزء عضوي من دورة الإبداع فالموهبة تحتاج إلى فترات صمت لتنضج وتتطور النتائج التي تلي فترات الجمود غالباً ما تحمل عمقاً مختلفاً ونضجاً جديداً.

البلوك آرت ليس نهاية المطاف بل هو محطة إعادة تشغيل لحظة تتوقف فيها اليد عن العمل لتبدأ الروح في المراجعة والتأمل فرصة ذهبية لتنقية الأساليب من الشوائب وبناء علاقة جديدة مع الفن تتسم بالصدق والعمق.

العودة بعد هذه المحطة تحمل طابعاً مختلفاً يعود الفنان برؤية جديدة وفهم أعمق لذاته وفنه وشغف متجدد لا يقدر بثمن يعود ومعه كنز من التجارب التي ستصقل مسيرته الإبداعية وتجعلها أكثر متانة وأصالة.

في النهاية البلوك آرت هو اختبار للصبر والإصرار وهو الفرصة التي تسبق التحول الكبير هو الهدية التي تأتي في غلاف صعب لكنها تحمل في داخلها دروساً لا تقدّر بثمن لكل فنان يسعى إلى النمو والتطور.

error: Content is protected !!