بين حقول إثنين اشتوكة القريبة من أزمور ولدت الشعيبية طلال عام 1929 نبتت موهبتها كزهرة برية في قلب الطبيعة متشبعة بألوان الأرض والبحر والوديان، متغذية بجمال الأزهار.
غادرت قريتها في سن السابعة لتعيش عند عمها في الدار البيضاء حيث تزوجت في الثالثة عشرة من عمرها من رجل طاعن في السن وأنجبت ابنها الوحيد الحسين طلال بعد وفاة زوجها وجدت نفسها وحيدة وفقيرة لكنها احتفظت بقوة نفس ومرح غريزين عملت خادمة لتربية ابنها، بينما كانت موهبة الرسم تنمو في داخلها كحلم ينتظر التحقيق..
في الخامسة والعشرين من عمرها، حلمت تحت زرقة السماء بأشرعة تدور وغرباء يقدمون لها أوراقاً وأقلاماً هذا الحلم كان بمثابة نبوءة حيث سارعت في اليوم التالي لشراء الألوان وبدأت ترسم على أي سطح متاح. كانت تعمل نهاراً كخادمة وترسم ليلاً في منزلها الصغير، محولة أحلامها إلى لوحات تنبض بالحياة..
اكتشف موهبتها الناقد الفرنسي بيير كودير والرسام الألماني فيرنر كيردت، الذين ساعدوها في إقامة أول معرض لها عام 1966 من هنا، انطلقت رحلتها الفنية التي قادتها إلى أشهر المعارض في باريس ونيويورك وفرانكفورت وجنيف..
لوحاتها التي تنتمي إلى الفن الفطري كانت تعكس رؤيتها الخاصة للعالم بألوان زاهية ترمز للحياة والطبيعة. كانت ترسم مشاهد من الحياة العادية ببراءة وبساطة، مبتكرة لغة بصرية خاصة لم تتعلمها في مدارس الفنون لكنها استطاعت بها أن تؤسس لأسلوب غير قابل للتكرار..
عانت في سنواتها الأخيرة من المرض وكانت لوحاتها الأخيرة تحمل في طياتها رعشة الأصابع واهتزاز الفرشاة مع ألوان قاتمة تروي قصة صراعها مع الجسد رحلت يوم 2 أبريل 2004 تاركة وراءها إرثاً فنياً غزيراً منتشراً في متاحف العالم ومجموعاته الخاصة وشاهدة على قوة الإرادة وروح الإبداع التي لا تعترف بالحدود.



















