مجلة بصمات

Mascarons

هذه مجموعة من الوجوه المنحوتة (Mascarons) على واجهات مبانٍ من طراز آرت نوفو (Art Nouveau)، وقد انتشر هذا النمط المعماري في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تحديدًا بين عامي 1890 و1910 تقريبًا، وهو يُعرف بتفاصيله النباتية والمنحنية، وانجذابه للجمال الأنثوي والرومانسي. ريغا، لاتفيا (Riga, Latvia): تعتبر من أبرز عواصم الآرت نوفو في أوروبا، وتحتوي على أكثر من 800 مبنى على هذا الطراز. الصورة فيها أعمال من مواقع اوروبية مختلفة.

Mascarons Read More »

سيلفادور وسيلفادورا

كان سلفادور دالي يجلس في مقهى “الدوم” بباريس، حين سحبت يده من جيب سترته المخملية صندوقًا زجاجيًا صغيرًا. بداخله نملة حمراء تتحرك ببطء. — “هذه سيلفادورا… شقيقتي التوأم من عالم آخر!”، قالها بجدية. ضحك الحاضرون، لكن عينيه لم تكن تمزح. البداية كانت في كتالونيا عندما كان طفلًا، وجد خفاشًا ميتًا على الشرفة. جثّة تلتهمها جيوش النمل. وقف يراقبها ساعات، ثم صرخ: “انظروا! هؤلاء النمل نحاتون صغارٌ يصنعون من الموت فنًا!”. من ذلك اليوم، صارت الحشرة هاجسه. رسمها في هوامش دفاتره، ثم زحفت إلى لوحاته العظيمة: ساعات ذائبة تزحف عليها النمل… وجوه مشوّهة تخرج من أفواهها مستعمراتٌ حمراء. في مرسمه “ببرت ليغات ” كان يُدخل “سيلفادورا” إلى قفص ذهبي مرصّع بالزبرجد، ويضعها على أذنه حين يعجز عن الإبداع: — “إنها تهمس لي بأفكارٍ لا يسمعها إلا المجانين!”. وفي ليلة صاخبة، ألقى بها في فنجان قهوة أمام ضيوفه: — “ها هي ترسم تحفتها الجديدة بقاع الفنجان!”. حين سألوه: “ألا تخاف أن تلدغك؟”، أجاب بابتسامةٍ ملتوية: — “العبقرية لا تُلدغ… بل تَلدغُ العالم!”. و ذات يوم وجد “سيلفادورا” بلا حراك. أقام لها جنازةً سريالية: وضع الجثة في علبة سيجار كوبية، صلّى فوقها مرتديًا رداء كاهنٍ قديم، ثم دفنها تحت شجرة زيتون وهو يهتف: — “المجدُ للفنّ! الموتُ لوهم الخلود!”. وفي الصباح التالي، ظهر بصندوق زجاجي جديد، بداخله نملة مطابقة. — “الخلود مجرد استبدال النسخ!”، قال وهو يرفعها نحو الشمس. ولطالما كان دالي يهمس لأصدقائه: — “النملُ أفضل من البشر… يبنون مملكةً في الظلام و لا يطلبون شهرة!”. وحين سأله فتى طموح عن سرّ إبداعه، أخرج الصندوق وقال: — “كن نملةً في عالم النمل!”. وفي النهاية مات دالي، وبقيت “سيلفادورا” لغزًا. هل كانت حقيقية؟ أم لا … لا يهم. فقد صارت قصيدةً عن فنانٍ حوَّل حشرةً إلى رمزٍ، وجنونه إلى خلودٍ. وها هي اليوم، في متحفه بفيغويراس، نملةٌ ذهبية تلمع في قفص زجاجي… كأنها تضحك منّا جميعًا. المصادر : – مذكرات دالي الشخصية (الحياة السرية لسلفادور دالي). كتاب السيرة الذاتية “دالي: العبقرية الملتوية للمؤرخ إيان جيبسون #أحمد معوض

سيلفادور وسيلفادورا Read More »

الهوية الوطنية

الهُوية الوطنية تُعبّر عن الصفات والمميزات التي تميز مجتمعًا أو أمة معينة، وتتضمن الثقافة، اللغة، التقاليد والقيم. تُعتبر الهوية الوطنية أساس ترابط الأفراد وتوحيدهم حول أهداف مشتركة، كما تعكس تاريخ الأمة وتجربتها. 🔻 تشكل الهوية الوطنية عنصرًا أساسيًا في تعزيز الانتماء والفخر بالوطن. من خلال تعزيز هذه الهوية، يُمكن للأفراد دعم قيم التسامح، الوحدة، والعمل الجماعي. تساهم الهوية الوطنية أيضًا في بناء المجتمعات المستدامة، حيث يصبح الأفراد أكثر التزامًا بالمشاركة في تنمية بلادهم والدفاع عنها في وجه التحديات. 🔻الهوية هي الخصائص والسمات والمعتقدات والقيم المميزة التي تُعرّف الشخص أو المجموعة، وتشكل تفردهم وإحساسهم بالذات. وكلمة «هوية» منسوبة إلى الضمير «هُوَ». إذا كانت الهوية الوطنية تشير إلى حب الوطن و الارتباط به، و الانتماء الوطني، وما ينتج عن ذلك من استجابات عاطفية، وروحية تكمن وراء سلوك المواطنة، وإذا كانت المواطنة تعني، ترجمة سلوكية و عملية للشعور بالهوية الوطنية، فإن المواطنة تعكس الممارسات من حقوق وواجبات تجاه الوطن، مع الالتزام بمبادئ و قيم، و عادات، وقوانين المجتمع كما تُعرف الهوية بأنها «الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة» 🔻تعتبر الأبعاد الثقافية للهوية الوطنية من العوامل المهمة التي تعكس التقاليد والعادات والموروثات الفنية والأدبية للشعوب. تتضمن هذه الأبعاد اللغة، الفن، والموسيقى التي تُظهر تفرد الهوية وتعكس ثقافة الأمة. 🔻تشمل الأبعاد الاجتماعية للهوية الوطنية الروابط الاجتماعية والترابط بين الأفراد. تلعب المؤسسات الاجتماعية مثل الأسرة والمدرسة دوراً محورياً في تعزيز الهوية الوطنية، من خلال تعزيز الانتماء وتطبيق القيم المشتركة. تتفهم المجتمعات أهمية الهوية وتأثيرها على الوحدة والاستقرار. 🔻 تسهم الهوية الوطنية في تعزيز الانتماء والولاء لدى الأفراد، مما يدفعهم إلى تقديم الدعم والمشاركة في الأنشطة الوطنية. الأفراد الذين يشعرون بالارتباط بهويتهم الوطنية يميلون إلى العمل لصالح مجتمعهم وتعزيزه. كما يمكن أن تؤدي الهوية الوطنية إلى تعزيز الوحدة بين أفراد المجتمع، ولكنها أيضاً قد تساهم في خلق التفرقة بين الجماعات المختلفة. من المهم إدراك أنّ فهم الهوية الوطنية بشكل شامل يمكن أن يساهم في بناء مجتمع متماسك حيث يتفاعل الأفراد بمسؤولية واحترام. 🔻 تواجه الهوية الوطنية العديد من التحديات في ظل العولمة، حيث تتعرض الثقافات المحلية لضغوط التغيرات السريعة والتأثيرات الخارجية. قد تؤدي هذه العوامل إلى تآكل الهويات الثقافية التقليدية وفقدان المعاني المرتبطة بها. 🔻استراتيجيات الحفاظ على الهوية الوطنية ، يجب التركيز على تعزيز القيم الثقافية والتاريخية من خلال التعليم والإعلام. من الضروري أيضاً دعم الفنون والتراث المحلي، وتعزيز الانتماء من خلال الأنشطة المجتمعية التي تجمع الأفراد وتعزز من تواصلهم مع تقاليدهم الثقافية.

الهوية الوطنية Read More »

(Mural Design as a Visual Art and Educational Message Using Artificial Intelligence)By: Dr. Asraar Abbas Semender – Artist and Professor, Academy of Fine Arts, Al-Mustaqbal University

Abstract Murals are one of the most important forms of artistic expression. They are more than decoration—they are a visual language for social and educational communication. This article explores the connection between mural design, artistic and educational vision, and modern technology (especially artificial intelligence). A personal experience shows how murals can make a real impact in schools and society. 1. Mural Design: More Than Art on Walls A mural starts as an idea, but it becomes complete only when it interacts with people and the space around it. It is not just about form or beauty—it carries meaning, function, and a message. In public areas or schools, a mural becomes a visual text that invites dialogue and helps build identity, behavior, and belonging. 2. The Educational and Social Role of Murals Murals are also educational tools, not just visual artworks. They can: Share values such as peace and cooperation. Create a space for expressing cultural identity. Help teach complex concepts like diversity and inclusion in a visual way. In schools, murals help build community spirit and strengthen the bond between students and the school. They encourage participation and shared ownership of the space. 3. Technology and AI in Mural Design With new tools, AI has become a creative partner in design: Image-generation tools (like DALL·E): create early design ideas from written descriptions. Digital drawing tools: help in planning the mural accurately before painting. Augmented Reality (AR): adds interactive layers to the mural. AI does not replace the designer—it gives new tools to expand imagination and turn ideas into visual concepts. 4. Dr. Asraar Samandar’s Vision: Murals as an Educational and Artistic Experience From my experience as an artist and educator, I believe a mural becomes real when others—especially children—help shape it. At Khiketorp School in Linköping, Sweden, I worked with students to create a mural called “The Inner Universe”, combining childhood imagination, digital design, and symbolic art. Mural Elements: Seeds at the bottom: in earth tones, showing the children’s cultural roots. Childlike creatures in the center: inspired by my son Yaqub’s drawings, representing dreams and uniqueness. Sky at the top: birds, sun, and clouds showing freedom and mental growth. Visual Analysis: We used color gradients to show diversity and curved lines to express warmth and belonging. The children helped paint parts of the mural, making it a mirror of their identity and their role in shaping their school environment. 5. AI as a Tool in Art Education In this project, we used AI image tools to help students turn their ideas into early visual sketches. This partnership between children, AI, and the teacher created a new kind of art education. Art became a shared journey—from the hand to the algorithm. Conclusion A mural is not just a painting on a wall—it is a living message, a space for interaction between art, society, and technology. When we combine artistic vision with education and use AI tools, we create not only images—but visual citizens who can read, think, and help shape the world around them. References 1. Arnheim, R. (1974). Art and Visual Perception. University of California Press. 2. Dovey, K., & Pafka, E. (2020). Public Space and Informal Encounters. Journal of Urban Design. 3. Hall, T. (2012). Urban Art and Visual Culture.

(Mural Design as a Visual Art and Educational Message Using Artificial Intelligence)By: Dr. Asraar Abbas Semender – Artist and Professor, Academy of Fine Arts, Al-Mustaqbal University Read More »

د: فلاح شكرجي – النقد البناء

بقلم: د. فلاح شكرجي فنان وناقد تشكيلي/ جامعة صلاح الدين- اربيل جمهورية العراق   تنحو الدراسات النقدية المعاصرة منحى موضوعي في تحليلها للاعمال الفنية,كونها دراسات خاضعة لآليات تحليل وتركيب تتخذ من دائرة الابداع والوعي حيزا لاشتغالها, لذلك غدت مثل تلك الدراسات ذات قيمة فكرية وتأثير مكمل لتأثير الابداع ذاته واصبح للنقد لغة فائقة قادرة على تحليل لغة النصوص الابداعية , فالفنان (من وجهة نظر نقدية معينة) فرد يلخص وجدان امة ويعبّر عما تراكم فيه من قيمها وافكارها التي ينتجها بلغته الخاصة وبحسب طبيعة عمله الفني وادواته ومفرداته كبنية حاضرة لها قدرة على الابلاغ ومن جهة اخرى هو حر في التعبير والتشكيل والتاويل والتجريد والحذف او المبالغة والتفخيم, وتتصف الاعمال الفنية ولاسيما في الحداثة وما بعدها بكونها تبتعد بقدر او اخر عن المتداول والشائع مما اعتاد عليه التلقي,الامر الذي يعيق حالة ادراك الدلالة (المضمون) التي تختزنها الدوال (الاشكال). من اجل ذلك يغدو للنقد حضور فكري فاعل في العملية الابداعية من خلال رصد الدوال ضمن الاثر(العمل) الفني والكشف عن احتمالاتها الفكرية ضمن السياق (الاطار)الفكري المهيمن والمتفاعل مع ذلك الاثر وتحديد ملامح الخطاب(المعنى) الرمزي والكشف عن شيفرته بموجب المتداول والمتواضع عليه من افكار ومفاهيم بين الناس, وبذلك يغدو الارسال ما بين الفنان عبر الناقد وصولا للمتلقي افضل مما لو ترك المتلقي (أيا كان مستواه الثقافي) وجها لوجه مع لغة بصرية مشفرة يعجز عن ادراكها او ردم الفجوة التي تفصلهما عن بعض. ان حقيقة التفاعل الحيوي بين الابداع والنقد تمثلت في سلسة التحولات التي شهدها الفن نتيجة حركة التحولات الاسلوبية المتواصلة والمستمرة التي اوغلت في عزل المبدع عن المجتمع بدءا من الانتقال من تمجيد النموذج الطبيعي (المدرسة الكلاسيكية الجديدة) مرورا بالانزياح نحو الخيال(المدرسة الرومانتيكية) ومن ثم بالواقع الاجتماعي (المدرسة الواقعية) وما تلاه من عشق النور وجمال الطبيعة (المدرسة الانطباعية) ونقاء اللون (المدرسة الوحشية) والجذر الهندسي للشكل المرئي(المدرسة التكعيبية) وسحر الالة (المدرسة المستقبلية) وتأكيد الذاتي امام الموضوعي (المدرسة التعبيرية) وحركة التمرد العبثي(الدادا) والالتفاف على العقل للتعبير عن الفكر (المدرسة السوريالية) ومحاولة التعبير عن الضرورة الداخلية (المدرسة التجريدية) وصولا للمدرسة التجريدية التعبيرية الامريكية الجديدة وما ينضوي تحتها من تيارات فنية بصرية من امثال فن التنصيب, فن الارض, فن الفيديو, وفن الجسد والتي غيرت مفاهيم الفنون البصرية في عصرنا الراهن الى حد بعيد. وفي كل ذلك ظل النقد ملتزم بدورين فاعلين واساسيين هما: التفسير والتقويم,ومن الطبيعي انهما متلازمين في دائرة الاشتغال ومسارات الفكر, فالناقد لايمكن ان يقّوم ما لا يجد له تفسير, وهو ان سعى لتفسير العمل الفني فسيكون قد اكسبه قيمة مضافة, وطبيعي ان يكون القيام بهما على انحاء كثيرة ومتباينة فلكل ناقد رؤيته التي يتبناها في تعامله مع النص, وهذا الامر ليس بالهين بالنسبة لدائرة التلقي ويتطلب استيعابه التعرف على الاتجاهات الرئيسية للنقد والتي ينبهنا كل منها الى جوانب مختلفة من العمل الفني, فمنها ما يؤكد اصول العمل او المجتمع الذي عاش فيه الفنان او تاثيرات العمل على نفسية الفنان او التاكيد على الاهتمام الباطن للبنية الفنية وهي كالتالي: النقد الكلاسيكي: اعتمد هذا النقد من مطابقة الواقع معيارا له وعلى وفق مباديء العصر اليوناني سواء في ادابه او فنونه البصرية وقد وضع اعلام هذا الاتجاه النقدي قواعد مفصلة وشمولية وصارمة ولم تكن تتقبل التجريب والتجديد, أي انه اسلوب نقدي محكوم بالتراث من ذلك نجد ان البعض يظل حبيسا ضمن نهج ابداعي معين مهما مضت عليه السنون ولايستشعر معطيات الجمال في أي الانساق الابداعية الجديدة والمشاكسة والتي تسعى لتكريس تمردها وهويتها. النقد السياقي: اعتمد هذا النقد الظروف التي ظهر فيها العمل الفني كالبيئة والجنس والحقبة, لذلك يُعّد نوعا من البحث في الاطر التاريخية والاجتماعية والنفسية والمعاشية للفن وان الاعمال الفنية تعد نواتج اجتماعية وتعكس سمات السياق العام الذي ينتمي اليه الفنان, وتاريخيا يؤشر ان السياقيون ينظرون للفن على انه ظاهرة تجريبية ضمن الظواهر الاخرى والحقيقة ان فكرة السياق ذاتها تعد من اقوى افكار القرن التاسع عشر اصالة واعظمها تاثير لكونها ترمي لدراسة الفن من خلال اسبابه ونتائجه وعلاقاته المتبادلة وان للفن حياة اجتماعية, ومن المهم ان نعلم ان الصفة الفكرية للقرن التاسع عشر ذات اتجاه تاريخي وان الكثير من مفكريه وعلماؤه البارزين كانو يدرسون وقائع ابحاثهم على وفق الطريقة المنشأية أي من خلال اصولها, وكذلك فأن محاولات المفكرين في جعل النقد علميا باعتبار ان العلم ارفع منجزات العقل البشري قد اثرت تأثيرا كبيرا على ظاهرة النقد إذ درست العديد من الظواهر بصورة علمية كالسلوك الفردي والاجتماعي من خلال الظواهر النفسية وكالدين باعتباره ظاهرة اجتماعية(على حد زعمهم) ولفض الاشتباك الفكري بين النقاد وارائهم الذاتية سعى النقاد للتعامل مع الفن بعدّه ظاهرة علمية, ويعد المنهج الماركسي ونظرية تين في النقد الاجتماعي وتيار الفرويديون ما اهم نماذج النقد السياقي. النقد الانطباعي: نشأ هذا الاتجاه النقدي في مطلع القرن العشرين كرد فعل على الثغرات التي لم تعالج في النقد السياقي وما مقولة (اوسكار وايلد بان: الفن انفعال) الا دليل على الرغبة في الافلات من الصفة الموضوعية والتاكيد على الجانب الذاتي للفن وبالتالي النقد وهذا ما يؤكده (اناتول فرانس بقوله اننا لايمكن ان نخرج عن انفسنا) وبالتالي تحدد النقد بموقف الناقد من العمل الفني ومدى انفعاله تجاهه بمنتهى الحرية دون اللجوء لأي نوع من القواعد ودون الاكتراث بالمحركات السياقية بالتالي تحول النقد الى تدفق انفعالي صرف. النقد القصدي: اتجاه نقدي نشأ كرد فعل لما تداعى عن النقد الانطباعي من طروحات فكرية ويسعى هذا الاتجاه الى تقصي ما يرمي اليه المبدع من عمله الفني والدافعية التي جعلته يشكل عناصره بالكيفية التي نراها عليه, وتعد النظرية القصدية في النقد دعوة للتعاطف الجمالي مع العمل وعدم التعامل معه بروح غريبة عن روح الفنان, لكن ما يؤخذ على هذه النظرية استحالة التوصل الى المخطط الذهني للفنان وهدفه الذي رام تحقيقه. النقد البنيوي/السيميائي: اعتمد هذا الاتجاه النقدي على مبدأ رؤية الشيء بذاته والتركيز على الطبيعة الباطنية الذاتية للعمل وتجنب كل ما هو خارجه كالقواعد التي يحاكم العمل بموجبها او الظروف التي تؤطر التجربة الفنية او المجتمع الذي عاشه الفنان او التاكيد على مشاعر الناقد او الهدف الذي يسعى الفنان لتحقيقه , أي ان النقد الحديث هاجم كل الاتجاهات النقدية الاخرى وتوافقت اراؤه مع الحركة الشكلية في النقد ولا سيما طروحات دي سوسير وريتشارد بيرس في الالسنية وجماعة الشكلانيين الروس والدعوة الى فحص النصوص من الداخل وكشف علاقات العناصر ضمن بنية العمل الفني والسعي لكشف حركة العلامة من حيث تاثيرها النفسي او اشتغالها ضمن الاطار الثقافي العام بعيدا عن ثقافة المنتج او تاريخانية النتاج. النقد التداولي: اتجاه نقدي يجمع بين تحليل ظروف الخارج وعلاقات الداخل , اي فحص النصوص الابداعية على وفق رؤية شمولية تكاملية تؤكد

د: فلاح شكرجي – النقد البناء Read More »

النحت

بقلم الدكتور رياض بنالحاج أحمد: أستاذ مساعد بالمعهد العالي للفنون الجميلة بنابل تونس لقد ظهر النحت كأحد أهم الفنون القديمة وأبرزها فتطوّر مع تطوّر الإنسان والحضارات، ومنه تحوّلت طرق الصياغة والتنفيذ، والأبعاد المفاهيمية والجمالية. لقد كان النحت قائما على أساس جملة من المفاهيم التي تُجسّد معنى الكتلة المغلقة، مثل البري، القطع، والحذف، وهي أفعال يَعْهَدُ بها الفنان إلى إعادة التشكيل في الكتلة. كما تحوّلت صنوف النحت وأبعاده، لنجدها في أحيان متراوحة بين النحت المجسّم ثلاثي الأبعاد أو نظيره البارز، وفي أحيان أخرى، متراوحا بين البعد الوظيفي التعبيري والجمالي. إن هذا التحوّل المتعاقب للحضارات خلق بحثا دؤوبا في المادة وفي طرق الإنجاز. التحولات الإنشائية للنحت نجد لكلمة نحت في اللّغة عدة معان مختلفة، فالنحت في أصل اللغة، هو النشر              والبري والقطع. يُقال: نحت النجّار الخشب والعُود إذا براه وهذّب سطوحه، ومثله في الحجارة والجبال، أو في القرآن بقوله تعالى “وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين”[1].             وقد عُرِّفت كلمة النحت في المعجم الوسيط كالآتي: “نحَتَ، نَحتًا، ونَحِيتًا. ونحت الشيءَ نحْتًا: قشره وبراه. ويقال: نَحَت الخشب، ونَحَتَ الحجر. ونحت الجبل ومنه: قطع.”[2] وبالتالي حسب المفاهيم الآنفة ذكرها فإن النحت يأتي مفيدا لتشكيل الكتلة عبر الحذف والإنقاص لتحرير الشكل من مستواه الهيولي إلى نضيره المتصوَّر لنتحوّل من الكتلة الموجودة بالقوّة إلى أخرى موجودة بالفعل.. لقد بدأ الإهتمام بالنحت بطريقة فعليّة منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وخاصة ضمن أعمال النحات “مايكل أنجلو” الذي اهتم بالنسب والمقاييس واهتم بالتفاصيل والجزئيات فاستقى مواضيع أعماله من القصص الديني ومن الأسطورة، وهو ما انتهجه معاصروه وما حذا حذوه العديد من النحاتين لفترة. ومع بداية القرن التاسع عشر الميلادي تحوّل النحت إلى الكلاسيكية الجديدة، فعاد الاهتمام بالكتلة الرصينة والتكوين النحتي الذي تخلّى عن خصائص التصوير ولكن منذ أواخر القرن التاسع عشر بدأ الإهتمام بالقيمة التعبيرية للنحت ضمن طريقة الإنشاء، متنصّلين بذلك من الإرتباط بالنّسب  ضمن بنية الجسم الآدمي على حساب البعد التعبيري، وهو ما تمثّل من خلال أعمال النحّات “أوغست رودان”  « Auguste Rodin » الذي يُعتبر رائدا للنحت الحديث. الذي أسهم في التأثير على المنظور الجمالي النحتي، ويتجلّى ذلك خاصّة في تمثاليه “مواطنو مدينة كالاس” و”بلزاك” اللذين أرسى من خلالها قواعد جديدة في كيفية التفكير بالعمل النحتي.   لم يعد التمثيل إذن هو الأساس في العمل النحتي، بل أصبحت هناك القيم الفنية المتمثلة في علاقات الكتل بعضها ببعض، وفي علاقتها بالفراغ. أصبح النحت الحديث منذ ذلك الحين يعتمد على القيم التجريدية أكثر مما يعتمد تمثيل الطبيعة. ولم تعد القطعة النحتية تسمّى تمثالا بل أسموها نحتا أيضا. ويُعتبر “برانكوزي” « Bankusi » أحد أهم شخصيات النحت في القرن العشرين، والمؤثّر الأساسي في أحد اتجاهاته المميزة وهو الاتجاه المستمر نحو التجريد.  ودفع في اتجاه وعي حادّ للشكل. ولقد أنجز أعمالا تقوم على الشكل البسيط، المصقول، الذي يذهب إلى معانقة الشكل بدون مواربة. وعلى الرغم من أن النحت الواقعي الذي يهتم بشكل الإنسان كاد يندثر، إلا أن بعض النحاتين، استوحوا من حركة جسم الإنسان أعمالا فنية. ومن أشهر هؤلاء، النحات “ألبرتو جياكومتي” و”هنري مور”. كما حاول آخرون كسر الحواجز والتجميع بين النحت والتصوير التشكيلي، فأبدعوا أعمالا هجينة. وهكذا أصبح فن النحت متنوعا، ومتداخلا مع غيره من الفنون التشكيلية. وعلى غرار الحراك الثقافي والتشكيلي العالمي فقد شهدت الساحة التشكيلية التونسية، نبوغ بعض الفنانين ضمن النصف الثاني من القرن العشرين الذين درسوا بمدرسة الفنون الجميلة بتونس أو الذين واصلوا دراستهم بالخارج وأجروا العديد من التربّصات واحتكّوا بالتجارب الغربية سواء عبر المعاينة ضمن المتاحف واللقاءات والمعارض وغيرها، وهو ما أسهم في انفلات وتوهّج قريحة المبدع رأيا ونقدا و إبداعا، وهو ما تمثّل من خلال بعض التشكيلين التونسيين من بينهم النحات الهادي السلمي، فكيف كانت هته التجربة وماهي مداراتها البحثيّة؟   الهادي السّلمي: بناء مسيرة ونحت مخاض   ولد النحات التونسي الهادي السلمي سنة 1934 وتوفي سنة 1995 درس بمدرسة الفنون الجميلة بتونس ثم انتقل بعدها للدراسة بأكاديمية الفنون الجميلة بباريس سنة  1958 بين سنة 1964 و1968  تابع مرحلة تربّص بورشة النحّات كولا مريني  collamarini   (حيث تابع فترة تربص في النحت على الحجارة والخشب)  وإثر عودته إلى تونس عهد الفنان إلى تفعيل مكتسباته التقنية ومعارف ضمن أعمال فنية شارك فيها في العديد من المعارض الجماعية، ثم تمت دعوته للمشاركة في السمبوزيوم العالمي للنحت المقام في يوغسلافيا سنة 1973 أين التقى وتعرّف على النحات هنري مور   Henry Moore  . لقد كان لهذا اللقاء بليغ الأثر في تجربة الفنّان التونسي الهادي السلمي إذ تُرجم  بداية من خلال أولى أعماله في السمبوزيزم والتي جاءت تحت عنوان العصفور  سعى الهادي السلمي من خلال هذا العمل إلى التبسيط والاقتضاب والإيحاء مستندا إلى التجاويف، هي بداية سال فيها وأسهب من خلالها لعاب الفعل التشكيلي لدى السلمي ضمن أعمال مختلفة وعبر مواد متنوعة أهمها الحجارة البرونز الحديد ضمن أحجام ضخمة.   نصب الشهداء عند مدخل المدينة بسوسة  إن فعل الجرأة التي تحلّى بها السّلمي جعله يخرج النحت من حدود الضيقة وذلك ضمن عرضه في المناطق الحضرية والمفترقات وهو ما أهله ليكون الرائد في هذا المجال، نظرا لقلة النحاتين ولخوفهم من التجسيم لما تعتنقه من هالة المحرّم فكان السّلمي يستخدم المواد الصّلبة (الحديد البرونز …) يعالجها بالتّطريق والثني يتلذّذ برحلة الصراع مع المادة التي ينسج من خلالها عوالمه التي تتمسرح في شكل فرد أو مجموعة تُنحت الشخوص معلنة عن قصّة، حدث، واقعة أو معبّرة عن وضعيّة ضمن الحركات….تكون الأعمال النحتية لديه متنصّلة من زخم التفاصيل والجزئيات مبتعدة عن التمثيل المباشر، هي رحلة ومرحلة عانق فيها السّلمي التجريد والإيحاء، هي تجربة خاض فيها في رحاب الغرائبي  ناسجا الجسد بقضبان المعدن، لتلتحم الفكرة بالمادة فتلحم القضبان لتعيد نسج الجسد مجدّدا في هيآت وهياكل نحيفة   صفائج وقضبان الحديد والبرونز إشعاع قضبان من الفولاذ الملحوم أما في مرحلة ثانية فقد شهدت تجربته النحتيّة تحوّلا من الأعمال الضخمة إلى نضيرتها الصّغيرة، هو تقلّص في الحجم يعانقه زخم في التشكيل النحتي، فلئن سعى السّلمي في التجربة الأولى إلى إبراز المقدرة في التعامل مع الأحجام الضخمة، والخامات عبر العرض في الساحات العامة والمفترقات، إلاّ أن هذه التجربة كانت تتشابه من حيث البعد التقني لكنها تختلف من حيث التوجّه. إذ سعى من خلالها إلى إرساء ثقافة الأثر الفني النحتي في علاقة بالشعبي واليومي، فكان ينهل من اليومي ضمن المدينة العتيقة  صورا ووقائع وأحداث، يكون الجسد الإنساني مدارها وموضوعها لتتجسّم في شكل مسرحة نحتية لحدث، أو في شكل تجسيم لشخوص يستقيها من اليومي ليعيد مسرحة حضورهاعبر العمل النحتي، ليأتي بهذا السياق كاسرا نواميس المحرّم ومحفّزا الذائقة الفنية للتعامل ومهادنة الأثر النحتي. ولادة 1990 برونز 25صم خطاب الجسد ومخاطبة المادة التجديد يجنح السلمي ضمن جملة أعماله النحتية لأن يجعل من الجسد محور اهتمامه وهو في هذا السّياق إنما بشترك مع

النحت Read More »

error: Content is protected !!