فن المظهر
في زمن تطغو فيه الصورة على الجوهر، نجد أنفسنا محاطين بأعمال فنية تتبارى في جذب الأنظار، لكن قلما تترك أثراً في النفوس. هذا هو فن المظهر، ذلك الذي يلهث وراء الإبهار البصري ويستعجل الإعجاب، بينما يفرغ العمل الفني من مضمونه شيئاً فشيئاً. لقد تحولت بعض المعارض إلى واجهات براقة تقدم أعمالاً كالفقاعات، تلمع للحظة ثم تختفي دون أن تترك وراءها سوى ذكريات عابرة. في خضم هذا السيل من الأعمال السطحية، نلاحظ كيف أصبح الفن أسيراً لمعايير جديدة. لم يعد الإبداع يقاس بعمق الفكرة أو قوة التأثير، بل بعدد المشاهدات والإعجابات. الفنان الحقيقي الذي يمضي أياماً في صقل عمله، وجد نفسه في مواجهة مع أولئك الذين ينتجون أعمالاً سريعة تواكب الصيحات العابرة. صارت القيمة الفنية تقاس بسرعة الانتشار لا بجودة المضمون، وبقدرة العمل على إثارة الجدل لا على إثارة الفكر. لكن وسط هذا الضجيج، تبقى هناك أصوات حقيقية لا تزال تؤمن بأن الفن رسالة قبل أن يكون سلعة. أعمال تفرض نفسها ليس بضجيجها، بل بصمتها العميق. تلك هي الأعمال التي تترك في النفس أثراً لا يزول، والتي تدفعنا للتأمل والسؤال بدلاً من التمرير السريع. الفرق هنا جوهري: بين فن يبحث عن إعجاب العين لحظةً ثم يختفي، وفن يخاطب ومضة “الفنّ الحقيقيّ لا يزول عندما تُطفأ الأضواء.. بل يظلّ يُنير في داخلنا!” #أحمد معوض