مجلة بصمات

عندما يتحول الألم إلى فن

عندما تلامس عيناك حدود الفن، قد تبتسم أحيانًا، أو تذرف دمعة، أو تمسك رأسك متسائلًا: “ما هذا الذي أراه؟”. تصور معي لوحة تطل من القرن السادس عشر كشبحٍ يرفض النسيان: “الدوقة القبيحة” للفنان كوينتن ماسيس 1513م في نظرة أولى، يلفّك صمتٌ ثقيل، ثم تبدأ التفاصيل بالتسلل إلى وعيك تلك المرأة العجوز بوجهٍ يشبه جذع شجرة معوجّ، بثيابٍ فاضحة لمخيلة عصرها، تمسك بيدها برعم وردةٍ كأنها تهدي العالم سرًا ضائعًا. لقرون، دارت حولها همسات السخرية: أهي صرخة ضدّ شيخوخة الجسد؟ أم صورة لمغوية عجوز تختفي خلف قرون غطاء رأسها؟ لكن الحقيقة، كعادتها، أكثر إيلامًا من أي خيال. لقد كانت تلك “الدوقة المسكينة” ضحيةً لكابوسٍ طبي اسمه “داء باجيت”، حيث تنقلب عظام الجسد إلى سجّانٍ قاسٍ، مشوّهةً ملامحها بلا برحمة أي قسوة تلك التي جعلت من آلام إنسانةٍ لوحةً للسخرية عبر العصور ربما كانت في يومٍ ما فتاةً تحمل الورود، أو أمّاً تحتضن طفلها. لكن التاريخ لم يحفظ منها إلا لحظة ضعفها الأقسى. عاشت الكونتيسة مارغريت مالت (المشتبه بأنها موضوع اللوحة) في القرن الـ١٤ (توفيت 1369)، بينما اللوحة رُسمت عام 1513 (أي بعد وفاتها بـ140 عامًا). في ذلك العصر، كان تصوير النساء غير الملكيات أو القديسات نادرًا، خاصة بمراحل عمرية متعددة. الخلاصة المأساوية: “الدوقة القبيحة” قد تكون الصورة الوحيدة الباقية لامرأة عانت في صمت، جسّدها المرضُ لوحةً، وحول ألمها إلى أسطورة للسخرية وغياب صورها “قبل التشوه” يُذكرنا بأن التاريخ غالبًا ما يحفظ وجوه الضحايا فقط في لحظات ضعفهم لننظر إليها اليوم بعين مختلفة: ليس كـ”دوقة قبيحة”، بل كضحية لمرض قاسٍ، وضحية لسخرية تاريخية أقسى. فلنكن الجيل الذي يمنحها ما حُرمت منه: الفهم بدل السخرية، والاحترام بدل الازدراء.”

عندما يتحول الألم إلى فن Read More »

 فن الرسم بالخيوط الفيلوغرافيا (STRING ART)

يُعد فن الخيوط، أو ما يُعرف بالفيلوغرافيا، شكلاً جديدًا من أشكال التعبير الفني، يجمع بين الدقة الهندسية، والخامات النسيجية، والإبداع المعاصر. وبعيدًا عن كونه مجرد حرفة يدوية أو ممارسة تزيينية، يستكشف هذا الفن أشكالًا معقدة وحساسة، ويستحق مكانته الكاملة ضمن الفنون الجميلة، لما يتميز به من غنى في التكوينات وعمق في الرسائل التي يُمكنه إيصالها. وقد وُلد هذا الفن في أواخر القرن التاسع عشر كأداة تربوية، قبل أن يتحوّل إلى ممارسة فنية قائمة بذاتها خلال ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. ويشهد اليوم نهضة عالمية، حيث يتبناه جيل جديد من الفنانين لاستكشاف إمكاناته الجمالية والرمزية والعاطفية. يُنظر اليوم إلى فن الخيوط كوسيلة تعبير معاصرة، تمزج بين التقاليد والحداثة، وبين البنية الرياضية والحسّ الشخصي. فهو أكثر من مجرد زينة؛ بل يُعد لغة بصرية، وشكلًا من أشكال الذاكرة، وأداة للحوار بين الثقافات. لكن فن الخيوط لا يقتصر على المجال الفني فقط، بل يجد له تطبيقات في مجالات أخرى، منها: – في التربية، حيث يُمكنه أن يُسهم في تنمية المهارات الحركية الدقيقة لدى الطفل، وتعزيز التفكير المنطقي، وتغذية الإبداع؛ – في العلاج بالفن، يمكن أن يساعد على تحسين التركيز، وبثّ الطمأنينة، وتسهيل التعبير عن الذات؛ – في التصميم الغرافيكي، والعمارة الداخلية، وحتى في تنظيم الفعاليات أو التواصل البصري، يمكن الاستعانة بفن الخيوط لإنشاء تركيبات فنية، شعارات، أو حروف ثلاثية الأبعاد. وتُظهر هذه الاستخدامات المتعددة أن فن الخيوط هو وسيلة متعددة التخصصات، تقع في ملتقى عدة مجالات. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به للاعتراف بقيمته الحقيقية واستثمار إمكاناته بشكل كامل. images (4) small-clover-g-jpg images (3) images (2) images (1)

 فن الرسم بالخيوط الفيلوغرافيا (STRING ART) Read More »

النساجات

في زاوية منعزلة من متحف ديل برادو بمدريد، تعلو لوحة تُحاكي بألوانها وأضوائها قصةً خالدة من زمن الأساطير. ليست مجرد مشهد لنسّاجات يعملن، بل هي “صراع بين الكبرياء الإلهي والعبقرية البشرية”، بين الخلود والفناء، بين أثينا وأراكني. هذه هي لوحة “أسطورة أراكني” أو “النسّاجات” للعبقري الإسباني دييغو فيلاثكيث، التي رسمها عام 1657 كإحدى آخر تحفه الفنية قبل رحيله. المشهد الأول: ورشة النسيج حيث تبدأ الأسطورة عندما تقترب من اللوحة، تسمع تقريبًا أصوات المغازل تدور، وترى النساء منشغلات بحركات سريعة ودقيقة. في المقدمة، تظهر عاملاتٌ متواضعات، وجوههنّ منحنية نحو العمل، أيديهنّ تنسج خيوطًا ذهبية تحت ضوء خافت. لكن انظر بعيدًا، إلى الخلفية، حيث يتحوّل المشهد إلى مسرح أسطوري. هناك، تحت أقواس القصر، تقف “أثينا” (مينيرفا) مرتدية خوذتها، متجهمة الوجه، تشير بغضب إلى سجادة مُعلّقة. أمامها، “أراكني”، الفتاة المغرورة التي تجرأت على تحدي إلهة الحكمة والفنون. السجادة المنسوجة تُظهر لحظة اختطاف أوروبا على يد زيوس المُتنكّر على شكل ثور — قصة تذكّر بقوة الآلهة التي لا تُقهر. الأسطورة التي ألهمت فيلاثكيث حسب رواية الشاعر “أوفيد” في “تحولاته”، كانت أراكني “أمهر حائكة في العالم” حتى إن الناس ظنوا أن الإلهة أثينا نفسها علّمتها. لكن أراكني، بكل كبرياء، نفت ذلك وتحدّتها في مسابقة نسج. عندما رأت أثينا روعة نسيج أراكني — الذي كشف بجرأة ضعف الآلهة وجرائمهم — مزّقته بغضب وحوّلت الفتاة إلى “عنكبوت” لتظل تنسج إلى الأبد دون أن تلمس إبداعها المجد. فيلاثكيث: الفنان الذي نسج مصير البشر لم يرسم فيلاثكيث مجرد أسطورة، بل عبّر عن نفسه من خلالها. في زمن كان فيه الفنانون يعتبرون حرفيين وليسوا مبدعين، جعل فيلاثكيث من أراكني رمزًا للفنان الثائر الذي يتحدى السلطة بإبداعه. – الضوء الساحر: يسلط فيلاثكيث الضوء على المشهد الخلفي، وكأنه يقول: “الإبداع الحقيقي يحدث حين يتجرأ البشر على النظر إلى الأعلى”. – الواقعية والسحر: مزج بين الحياة اليومية (النسّاجات العاملات) والعالم الإلهي، ليذكّرنا أن الأساطير تعيش بيننا. – المرآة الخفية: مثل لوحته الشهيرة “وصيفات الشرف”، يترك فيلاثكيث المشاهد يتساءل: هل نحن جمهور أم جزء من اللوحة؟ لماذا تظل هذه اللوحة خالدة؟ لأنها ليست مجرد قصة عقاب، بل احتفال بالجمال الذي يخلقه البشر رغم كل شيء. أراكني خسرت المعركة، لكن نسيجها بقي في الذاكرة، مثل لوحة فيلاثكيث التي تتحدى الزمن. في النهاية، كل من يقف أمام “النسّاجات” يشعر بأنه أمام سرٍّ عظيم: أن الفن قد يكون لعنة أحيانًا، لكنه دائمًا ينتصر.

النساجات Read More »

فن في تسعة عقود ويتألق في ذكرى يوم السعودية الوطني ٩١

بقلم د.عصام عسيري رعت المملكة العربية السعودية -منذ تأسيسها- النشاط الوطني الإبداعي، من الحرف والصناعات والتجارة وشمل ذلك مجالات الفنون التشكيلية في نجد والأحساء والحجاز، واستمر في كل مراحل تأسيس الدولة إلى الآن، رافق الملك عبدالعزيز ضمن رجاله الأوائل الذين اعتمد عليهم، مجموعة رجال مواهب وأفذاذ، فمنهم الفنانون التشكيليون بمختلف توجهاتهم المتاحة آنذاك في الثقافة البصرية في الجزيرة العربية بداية القرن العشرين الميلادي. كان منهم على سبيل المثال عبدالله العلي الزامل، إبراهيم السويدان، عبدالفتاح مدني، محمد طاهر كردي، والذي خط بيده ونسخ أول مصحف مطبوع في مكة المكرمة 1369هـ، وكان عليه إقبال وانتشار محلي وعالمي واسع، في بداية تكوين الدولة السعودية، في عهد الملك عبدالعزيز وطيلة حكم الملك سعود. كما اهتم الملك عبدالعزيز -رحمة الله عليه- بفطنته بالتجار وأصحاب رؤوس الأموال وأدرك دور القطاع الخاص والمواطن في التنمية، لذا سعى للحفاظ وتطوير المهن والحرف وأمّن التجّار والبضائع، ودعم استخدام الصناعات الحديثة، وأسس للتعليم النظامي، الذي أولاه رحمة الله عليه وسلسلة أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله وسلمان، وكل منهم أضاف لبنة في تطوير الحركة التعليمية والتنموية والتشكيلية للمواطن والمواطنة السعوديين. لوحة الملك عبدالعزيز للفنان فايع الألمعي نشأت الحركة التشكيلية السعودية الحديثة والمعاصرة تقريبًا باعتماد تدريس مادة الخط العربي والرسم والأشغال اليدوية وثم التربية الفنية النظامية في 1377هـ ، ولعل من أهم ملامح تلك الفترة رعاية ملك البلاد الملك سعود ومدير المعارف الأمير فهد بن عبدالعزيز بالتعليم والإنسان، فقد افتتحا معرض التربية الفنية والذي شاركت فيه عدة مدارس داخل المملكة، في مبنى المعارف عند افتتاحه العام 1958م، ثم عملت المديرية دورات للمعلمين في أصول تعليم فن الرسم بدار التوحيد بالطائف صيف 1382هـ، افتتح الملك فيصل بقصر نجمه في الطائف المعرض الثاني في تاريخ المملكة، وكان لأعمال معلمي التربية الفنية، ثم تأسس معهد التربية الفنية بالرياض العام 1385هـ والذي يعتبر النواة الأولى لتأسيس الحركة التشكيلية والبصرية والمسرحية السعودية. استقطبت المملكة العربية السعودية في الستينات الميلادية من القرن المنصرم، العديد من الفنانين والأساتذة المرموقين في كليات الفنون الجميلة من العراق مثل سعدي الكعبي، سلمان الدليمي، عامر العبيدي، خيري العاني، شاكر حسن آل سعيد كمعلمين في معهد التربية الفنية بالرياض، وفي السبعينات استقطبت الدكتور محمود البسيوني ولطفي زكي وعبدالرحمن النشار ومحمود الشال والعديد من الأساتذة المهمين للتدريس في أقسام التربية الفنية بجامعتي الملك سعود وأم القرى، ومن أبرز ملامح تلك الفترة ابتعاث الدولة -رعاها الله- بعض طلاب الدفعات الأولى ليتعلموا الفن في إيطاليا وإنجلترا وأميركا ومصر وكان من أبرزهم، عبدالحليم رضوي، محمد السليم، علي الرزيزا عبدالعزيز الحمّاد، ضياء عزيز، عبدالجبار اليحيا، عبدالله الشيخ، بكر شيخون، محمد الأعجم، ثم تلاهم مجموعة.تلك الدفعات وغيرها من الموهوبين مثل صفية بن زقر، منيرة موصلي، محمد الطويان، سعد العبيد، فوزية عبداللطيف، محمد الرصيص، خليل حسن خليل، هشام بنجابي، طه صبان، ونبيلة البسام، إبراهيم الفصام، كمال المعلم، عبدالله الشلتي، عبدالله حماس، فيصل مشاري، يوسف جاها، عبدالله نواوي، سمير الدهام، عبدالعزيز الناجم وغيرهم …، هم الرعيل الأول الذي أسس الحركة التشكيلية والمسرحية والتمثيلية والتلفزيونية والديكورية، استحدثوا لنا الصالات والجماعات الفنية، ومهدوا لنا الصحف والمعارض الداخلية والخارجية والتي شملت كافة أشكال الفنون التشكيلية من رسم، تلوين، نحت، خط عربي، تصوير فوتوغرافي. لوحة الفنان الرائد عبدالحليم رضوي في الحقيقة كانت رعاية الدولة لهذه الأنشطة الإبداعية، من خلال تأسيس الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وكان رئيسها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وهو أمير الريشة والقلم والكلمة والفن والذوق أطال الله بقاءه، رعت هذه المؤسسة العظيمة الرياضة والشباب والملاعب والهوايات، وكان دور الأندية أوسع من نشاطها الحالي، فكانت لوحاتها تشمل (نادي …. ) رياضي، ثقافي، اجتماعي، لذا رعت الأندية الرياضية مجموعات كبيرة في الفنانين ومعارضهم الجماعية، وكان بدعم مباشر من سمو الأمير فيصل بن فهد رحمه الله، وتأسست جمعيات الثقافة والفنون. فوق ما رعت وزارة التعليم، ورئاسة رعاية الشباب للفنون التشكيلية، رعت وزارة الإعلام المسموع والمرئي والمقروء، ولم تتوانَ الإذاعة والتلفزيون والجرائد السعودية في كل المناطق من دعم التشكيليين، جهود ضخمة تُذكر فتشكر، في تغطية أخبار المعارض التشكيلية، وتبنت المواهب الواعدة وشرحت تجارب الفنانين التشكيليين العظام، لعل أكثر ما نحتاج الثناء عليهم والدعاء لهم، هو مجهود الأستاذ عبالجبار اليحيا ومنيرة موصلي رحمهما الله اللذين أسسا الصحافة التشكيلية، فقد شملت مقالاتهما الأولى منذ منتصف الستينات وبداية السبعينات الميلادية، ومن أتى بعدهما مثل الأستاذ القدير سمير الدهام الذي أسس الملحق الثقافي وكتب مقالات عن الفنون التشكيلية وترجمات لمقالات نقدية وكاريكاتير ولوحة وقصيدة ومشاركات رسوم القراء، ومساهمتها في التخطيط والإشراف على معارض محلية ودولية. استمرت تلك الرعايات الحكومية ومن المسؤولين والقادة وحكام البلاد رحمهم الله، لتسعة عقود منذ التأسيس. لوحة الفنان الرائد محمد السليم واليوم عبر خطط الدولة الخمسية، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان متعه الله بموفور الصحة والسلامة وأيده بنصر وتوفيق من عنده، ازدهرت الفنون البصرية في المملكة العربية السعودية، بشكل متسارع فانتشرت صالات العرض الجميلة والراقية من جدة والرياض والشرقية، لتغطي حاليا معظم مدن ومحافظات المملكة المترامية الأطراف، ومنها صالة عالمية ضخمة بجدة، شارفت على البدء قريبا، كما تأسست جماعات تشكيلية في المدينة المنورة والرياض وجازان، لتصبح الآن في كل مدينة سعودية جماعات تشكيلية، تضم مواهب في مجال معين في الفنون البصرية، من فنون طبيعية وتأثيرية، وخيالية، من فنون طبيعية وتأثيرية، وخيالية، وتجريدية، وحروفية، ونحتية، وتركيبية، ورقمية و…الخ، معاضدة ودعم الأمير فيصل بن محمد للجمعية السعودية للفنون التشكيلية، وانتقل الفنان التشكيلي السعودي بريشته وقماشه ولونه، ونحته، وصورته وفلمه، من الصالات المحلية، بفضل الله ثم بتلك الرعايات الحانية للصالات الإقليمية. لوحة الملك سلمان للفنان الرائد ضياء عزيز ضياء والآن هناك حضور عالمي ملفت للفن السعودي في الخارج؛ ولعل حضور أكبر بيوت المزادات العالمية كسوثبي وكريستي والمعارض الفنية للداخل السعودي ما هو إلا ترابط دولي راقي، سينعكس لاحقًا على طبيعة ونوعية إنتاجنا الإبداعي المستقبلي. يمكن ملاحظة هذا النمو والازدهار الفني، من خلال الإنتاج الإبداعي الضخم كما ونوعا، والمتنوع محتوىً وشكلا، للفنانين والفنانات السعوديين في مجالات الفنون المرئية من رسم ونحت في مراسمهم وصالات العرض المنتشرة في معظم المدن، وفي حسابات الفنانين على وسائل التواصل الاجتماعية. لوحة الأمير محمد بن سلمان للفنان محمد عسيري كما يمكن ملاحظته في كمية ونوعية المبادرات الحكومية وشبه الحكومية، التي تسعى لاستقطاب واستثمار الطاقات الفنية الإبداعية في سواعد أبناء الوطن، هذا نلمسه في مشروعات مركز الملك عبدالعزيز الثقافي «إثراء»، ومشروعات «مسك» الفنية في ظل دعم مباشر لسمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان معشوق الفنانين وكل المواطنين. ومؤخرا تم تأسيس هيئة الفنون البصرية والتي من شأنها تطوير الحركة الفنية التشكيلية ونقلها لعدة خطوات للأمام، والرقي بها لعدة مستويات للأعلى. وفي مناسبة ذكرى اليوم الوطني التسعين هذا العرس التشكيلي والشعبي

فن في تسعة عقود ويتألق في ذكرى يوم السعودية الوطني ٩١ Read More »

بيكاسو

بيكاسو والخط الواحد

الثورة في بساطة الخط لم تكن تقنية “الرسم بالخط الواحد” مجرد تمرينٍ تقنيٍّ لبيكاسو، بل فلسفةٌ فنيّة: كيف تُمسك روح الكائن بمسارٍ متصل؟ كيف تُختزل الحياة في انحناءةٍ واحدة؟” كان الخطُّ عنده يُغنّي: يرسم امرأةً بلمسةٍ حلزونيّةٍ تلتهم شعرها ووجهها وكتفيها في دوامةٍ واحدة يرسم ثورًا هائجًا بخطٍّ متعرّجٍ كالصاعقة . كل رسمةٍ كانت مغامرةً لا تُصحّح فيها الأخطاء — فالحبرُ لا يُمحى، والثقةُ باليد هي شرط النجاح. Le Chien – الكلب Portrait of Francoise Gilot Picasso War and Peace Le coq – 1907 إعلان لمعرض بابلو بيكاسو في “متحف ليون” عام 1968، ويظهر فيه عمل فني من فترة بيكاسو الزرقاء الثور – The Bull الخطُّ الواحد هو كالسحر: يبدأ كخيطٍ عشوائي، وينتهي ككائنٍ حيّ.” — ناقد فنيّ عن تجربة بيكاسو لقد قدم بيكاسو للعالم رسالةً واضحة: الفنُّ لا يحتاج لألوانٍ باهظة أو قماشٍ ضخم، بل لفكرةٍ جريئةٍ ويدٍ واثقة #أحمد معوض

بيكاسو والخط الواحد Read More »

Mascarons

هذه مجموعة من الوجوه المنحوتة (Mascarons) على واجهات مبانٍ من طراز آرت نوفو (Art Nouveau)، وقد انتشر هذا النمط المعماري في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تحديدًا بين عامي 1890 و1910 تقريبًا، وهو يُعرف بتفاصيله النباتية والمنحنية، وانجذابه للجمال الأنثوي والرومانسي. ريغا، لاتفيا (Riga, Latvia): تعتبر من أبرز عواصم الآرت نوفو في أوروبا، وتحتوي على أكثر من 800 مبنى على هذا الطراز. الصورة فيها أعمال من مواقع اوروبية مختلفة.

Mascarons Read More »

سيلفادور وسيلفادورا

كان سلفادور دالي يجلس في مقهى “الدوم” بباريس، حين سحبت يده من جيب سترته المخملية صندوقًا زجاجيًا صغيرًا. بداخله نملة حمراء تتحرك ببطء. — “هذه سيلفادورا… شقيقتي التوأم من عالم آخر!”، قالها بجدية. ضحك الحاضرون، لكن عينيه لم تكن تمزح. البداية كانت في كتالونيا عندما كان طفلًا، وجد خفاشًا ميتًا على الشرفة. جثّة تلتهمها جيوش النمل. وقف يراقبها ساعات، ثم صرخ: “انظروا! هؤلاء النمل نحاتون صغارٌ يصنعون من الموت فنًا!”. من ذلك اليوم، صارت الحشرة هاجسه. رسمها في هوامش دفاتره، ثم زحفت إلى لوحاته العظيمة: ساعات ذائبة تزحف عليها النمل… وجوه مشوّهة تخرج من أفواهها مستعمراتٌ حمراء. في مرسمه “ببرت ليغات ” كان يُدخل “سيلفادورا” إلى قفص ذهبي مرصّع بالزبرجد، ويضعها على أذنه حين يعجز عن الإبداع: — “إنها تهمس لي بأفكارٍ لا يسمعها إلا المجانين!”. وفي ليلة صاخبة، ألقى بها في فنجان قهوة أمام ضيوفه: — “ها هي ترسم تحفتها الجديدة بقاع الفنجان!”. حين سألوه: “ألا تخاف أن تلدغك؟”، أجاب بابتسامةٍ ملتوية: — “العبقرية لا تُلدغ… بل تَلدغُ العالم!”. و ذات يوم وجد “سيلفادورا” بلا حراك. أقام لها جنازةً سريالية: وضع الجثة في علبة سيجار كوبية، صلّى فوقها مرتديًا رداء كاهنٍ قديم، ثم دفنها تحت شجرة زيتون وهو يهتف: — “المجدُ للفنّ! الموتُ لوهم الخلود!”. وفي الصباح التالي، ظهر بصندوق زجاجي جديد، بداخله نملة مطابقة. — “الخلود مجرد استبدال النسخ!”، قال وهو يرفعها نحو الشمس. ولطالما كان دالي يهمس لأصدقائه: — “النملُ أفضل من البشر… يبنون مملكةً في الظلام و لا يطلبون شهرة!”. وحين سأله فتى طموح عن سرّ إبداعه، أخرج الصندوق وقال: — “كن نملةً في عالم النمل!”. وفي النهاية مات دالي، وبقيت “سيلفادورا” لغزًا. هل كانت حقيقية؟ أم لا … لا يهم. فقد صارت قصيدةً عن فنانٍ حوَّل حشرةً إلى رمزٍ، وجنونه إلى خلودٍ. وها هي اليوم، في متحفه بفيغويراس، نملةٌ ذهبية تلمع في قفص زجاجي… كأنها تضحك منّا جميعًا. المصادر : – مذكرات دالي الشخصية (الحياة السرية لسلفادور دالي). كتاب السيرة الذاتية “دالي: العبقرية الملتوية للمؤرخ إيان جيبسون #أحمد معوض

سيلفادور وسيلفادورا Read More »

الهوية الوطنية

الهُوية الوطنية تُعبّر عن الصفات والمميزات التي تميز مجتمعًا أو أمة معينة، وتتضمن الثقافة، اللغة، التقاليد والقيم. تُعتبر الهوية الوطنية أساس ترابط الأفراد وتوحيدهم حول أهداف مشتركة، كما تعكس تاريخ الأمة وتجربتها. 🔻 تشكل الهوية الوطنية عنصرًا أساسيًا في تعزيز الانتماء والفخر بالوطن. من خلال تعزيز هذه الهوية، يُمكن للأفراد دعم قيم التسامح، الوحدة، والعمل الجماعي. تساهم الهوية الوطنية أيضًا في بناء المجتمعات المستدامة، حيث يصبح الأفراد أكثر التزامًا بالمشاركة في تنمية بلادهم والدفاع عنها في وجه التحديات. 🔻الهوية هي الخصائص والسمات والمعتقدات والقيم المميزة التي تُعرّف الشخص أو المجموعة، وتشكل تفردهم وإحساسهم بالذات. وكلمة «هوية» منسوبة إلى الضمير «هُوَ». إذا كانت الهوية الوطنية تشير إلى حب الوطن و الارتباط به، و الانتماء الوطني، وما ينتج عن ذلك من استجابات عاطفية، وروحية تكمن وراء سلوك المواطنة، وإذا كانت المواطنة تعني، ترجمة سلوكية و عملية للشعور بالهوية الوطنية، فإن المواطنة تعكس الممارسات من حقوق وواجبات تجاه الوطن، مع الالتزام بمبادئ و قيم، و عادات، وقوانين المجتمع كما تُعرف الهوية بأنها «الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة» 🔻تعتبر الأبعاد الثقافية للهوية الوطنية من العوامل المهمة التي تعكس التقاليد والعادات والموروثات الفنية والأدبية للشعوب. تتضمن هذه الأبعاد اللغة، الفن، والموسيقى التي تُظهر تفرد الهوية وتعكس ثقافة الأمة. 🔻تشمل الأبعاد الاجتماعية للهوية الوطنية الروابط الاجتماعية والترابط بين الأفراد. تلعب المؤسسات الاجتماعية مثل الأسرة والمدرسة دوراً محورياً في تعزيز الهوية الوطنية، من خلال تعزيز الانتماء وتطبيق القيم المشتركة. تتفهم المجتمعات أهمية الهوية وتأثيرها على الوحدة والاستقرار. 🔻 تسهم الهوية الوطنية في تعزيز الانتماء والولاء لدى الأفراد، مما يدفعهم إلى تقديم الدعم والمشاركة في الأنشطة الوطنية. الأفراد الذين يشعرون بالارتباط بهويتهم الوطنية يميلون إلى العمل لصالح مجتمعهم وتعزيزه. كما يمكن أن تؤدي الهوية الوطنية إلى تعزيز الوحدة بين أفراد المجتمع، ولكنها أيضاً قد تساهم في خلق التفرقة بين الجماعات المختلفة. من المهم إدراك أنّ فهم الهوية الوطنية بشكل شامل يمكن أن يساهم في بناء مجتمع متماسك حيث يتفاعل الأفراد بمسؤولية واحترام. 🔻 تواجه الهوية الوطنية العديد من التحديات في ظل العولمة، حيث تتعرض الثقافات المحلية لضغوط التغيرات السريعة والتأثيرات الخارجية. قد تؤدي هذه العوامل إلى تآكل الهويات الثقافية التقليدية وفقدان المعاني المرتبطة بها. 🔻استراتيجيات الحفاظ على الهوية الوطنية ، يجب التركيز على تعزيز القيم الثقافية والتاريخية من خلال التعليم والإعلام. من الضروري أيضاً دعم الفنون والتراث المحلي، وتعزيز الانتماء من خلال الأنشطة المجتمعية التي تجمع الأفراد وتعزز من تواصلهم مع تقاليدهم الثقافية.

الهوية الوطنية Read More »

(Mural Design as a Visual Art and Educational Message Using Artificial Intelligence)By: Dr. Asraar Abbas Semender – Artist and Professor, Academy of Fine Arts, Al-Mustaqbal University

Abstract Murals are one of the most important forms of artistic expression. They are more than decoration—they are a visual language for social and educational communication. This article explores the connection between mural design, artistic and educational vision, and modern technology (especially artificial intelligence). A personal experience shows how murals can make a real impact in schools and society. 1. Mural Design: More Than Art on Walls A mural starts as an idea, but it becomes complete only when it interacts with people and the space around it. It is not just about form or beauty—it carries meaning, function, and a message. In public areas or schools, a mural becomes a visual text that invites dialogue and helps build identity, behavior, and belonging. 2. The Educational and Social Role of Murals Murals are also educational tools, not just visual artworks. They can: Share values such as peace and cooperation. Create a space for expressing cultural identity. Help teach complex concepts like diversity and inclusion in a visual way. In schools, murals help build community spirit and strengthen the bond between students and the school. They encourage participation and shared ownership of the space. 3. Technology and AI in Mural Design With new tools, AI has become a creative partner in design: Image-generation tools (like DALL·E): create early design ideas from written descriptions. Digital drawing tools: help in planning the mural accurately before painting. Augmented Reality (AR): adds interactive layers to the mural. AI does not replace the designer—it gives new tools to expand imagination and turn ideas into visual concepts. 4. Dr. Asraar Samandar’s Vision: Murals as an Educational and Artistic Experience From my experience as an artist and educator, I believe a mural becomes real when others—especially children—help shape it. At Khiketorp School in Linköping, Sweden, I worked with students to create a mural called “The Inner Universe”, combining childhood imagination, digital design, and symbolic art. Mural Elements: Seeds at the bottom: in earth tones, showing the children’s cultural roots. Childlike creatures in the center: inspired by my son Yaqub’s drawings, representing dreams and uniqueness. Sky at the top: birds, sun, and clouds showing freedom and mental growth. Visual Analysis: We used color gradients to show diversity and curved lines to express warmth and belonging. The children helped paint parts of the mural, making it a mirror of their identity and their role in shaping their school environment. 5. AI as a Tool in Art Education In this project, we used AI image tools to help students turn their ideas into early visual sketches. This partnership between children, AI, and the teacher created a new kind of art education. Art became a shared journey—from the hand to the algorithm. Conclusion A mural is not just a painting on a wall—it is a living message, a space for interaction between art, society, and technology. When we combine artistic vision with education and use AI tools, we create not only images—but visual citizens who can read, think, and help shape the world around them. References 1. Arnheim, R. (1974). Art and Visual Perception. University of California Press. 2. Dovey, K., & Pafka, E. (2020). Public Space and Informal Encounters. Journal of Urban Design. 3. Hall, T. (2012). Urban Art and Visual Culture.

(Mural Design as a Visual Art and Educational Message Using Artificial Intelligence)By: Dr. Asraar Abbas Semender – Artist and Professor, Academy of Fine Arts, Al-Mustaqbal University Read More »

د: فلاح شكرجي – النقد البناء

بقلم: د. فلاح شكرجي فنان وناقد تشكيلي/ جامعة صلاح الدين- اربيل جمهورية العراق   تنحو الدراسات النقدية المعاصرة منحى موضوعي في تحليلها للاعمال الفنية,كونها دراسات خاضعة لآليات تحليل وتركيب تتخذ من دائرة الابداع والوعي حيزا لاشتغالها, لذلك غدت مثل تلك الدراسات ذات قيمة فكرية وتأثير مكمل لتأثير الابداع ذاته واصبح للنقد لغة فائقة قادرة على تحليل لغة النصوص الابداعية , فالفنان (من وجهة نظر نقدية معينة) فرد يلخص وجدان امة ويعبّر عما تراكم فيه من قيمها وافكارها التي ينتجها بلغته الخاصة وبحسب طبيعة عمله الفني وادواته ومفرداته كبنية حاضرة لها قدرة على الابلاغ ومن جهة اخرى هو حر في التعبير والتشكيل والتاويل والتجريد والحذف او المبالغة والتفخيم, وتتصف الاعمال الفنية ولاسيما في الحداثة وما بعدها بكونها تبتعد بقدر او اخر عن المتداول والشائع مما اعتاد عليه التلقي,الامر الذي يعيق حالة ادراك الدلالة (المضمون) التي تختزنها الدوال (الاشكال). من اجل ذلك يغدو للنقد حضور فكري فاعل في العملية الابداعية من خلال رصد الدوال ضمن الاثر(العمل) الفني والكشف عن احتمالاتها الفكرية ضمن السياق (الاطار)الفكري المهيمن والمتفاعل مع ذلك الاثر وتحديد ملامح الخطاب(المعنى) الرمزي والكشف عن شيفرته بموجب المتداول والمتواضع عليه من افكار ومفاهيم بين الناس, وبذلك يغدو الارسال ما بين الفنان عبر الناقد وصولا للمتلقي افضل مما لو ترك المتلقي (أيا كان مستواه الثقافي) وجها لوجه مع لغة بصرية مشفرة يعجز عن ادراكها او ردم الفجوة التي تفصلهما عن بعض. ان حقيقة التفاعل الحيوي بين الابداع والنقد تمثلت في سلسة التحولات التي شهدها الفن نتيجة حركة التحولات الاسلوبية المتواصلة والمستمرة التي اوغلت في عزل المبدع عن المجتمع بدءا من الانتقال من تمجيد النموذج الطبيعي (المدرسة الكلاسيكية الجديدة) مرورا بالانزياح نحو الخيال(المدرسة الرومانتيكية) ومن ثم بالواقع الاجتماعي (المدرسة الواقعية) وما تلاه من عشق النور وجمال الطبيعة (المدرسة الانطباعية) ونقاء اللون (المدرسة الوحشية) والجذر الهندسي للشكل المرئي(المدرسة التكعيبية) وسحر الالة (المدرسة المستقبلية) وتأكيد الذاتي امام الموضوعي (المدرسة التعبيرية) وحركة التمرد العبثي(الدادا) والالتفاف على العقل للتعبير عن الفكر (المدرسة السوريالية) ومحاولة التعبير عن الضرورة الداخلية (المدرسة التجريدية) وصولا للمدرسة التجريدية التعبيرية الامريكية الجديدة وما ينضوي تحتها من تيارات فنية بصرية من امثال فن التنصيب, فن الارض, فن الفيديو, وفن الجسد والتي غيرت مفاهيم الفنون البصرية في عصرنا الراهن الى حد بعيد. وفي كل ذلك ظل النقد ملتزم بدورين فاعلين واساسيين هما: التفسير والتقويم,ومن الطبيعي انهما متلازمين في دائرة الاشتغال ومسارات الفكر, فالناقد لايمكن ان يقّوم ما لا يجد له تفسير, وهو ان سعى لتفسير العمل الفني فسيكون قد اكسبه قيمة مضافة, وطبيعي ان يكون القيام بهما على انحاء كثيرة ومتباينة فلكل ناقد رؤيته التي يتبناها في تعامله مع النص, وهذا الامر ليس بالهين بالنسبة لدائرة التلقي ويتطلب استيعابه التعرف على الاتجاهات الرئيسية للنقد والتي ينبهنا كل منها الى جوانب مختلفة من العمل الفني, فمنها ما يؤكد اصول العمل او المجتمع الذي عاش فيه الفنان او تاثيرات العمل على نفسية الفنان او التاكيد على الاهتمام الباطن للبنية الفنية وهي كالتالي: النقد الكلاسيكي: اعتمد هذا النقد من مطابقة الواقع معيارا له وعلى وفق مباديء العصر اليوناني سواء في ادابه او فنونه البصرية وقد وضع اعلام هذا الاتجاه النقدي قواعد مفصلة وشمولية وصارمة ولم تكن تتقبل التجريب والتجديد, أي انه اسلوب نقدي محكوم بالتراث من ذلك نجد ان البعض يظل حبيسا ضمن نهج ابداعي معين مهما مضت عليه السنون ولايستشعر معطيات الجمال في أي الانساق الابداعية الجديدة والمشاكسة والتي تسعى لتكريس تمردها وهويتها. النقد السياقي: اعتمد هذا النقد الظروف التي ظهر فيها العمل الفني كالبيئة والجنس والحقبة, لذلك يُعّد نوعا من البحث في الاطر التاريخية والاجتماعية والنفسية والمعاشية للفن وان الاعمال الفنية تعد نواتج اجتماعية وتعكس سمات السياق العام الذي ينتمي اليه الفنان, وتاريخيا يؤشر ان السياقيون ينظرون للفن على انه ظاهرة تجريبية ضمن الظواهر الاخرى والحقيقة ان فكرة السياق ذاتها تعد من اقوى افكار القرن التاسع عشر اصالة واعظمها تاثير لكونها ترمي لدراسة الفن من خلال اسبابه ونتائجه وعلاقاته المتبادلة وان للفن حياة اجتماعية, ومن المهم ان نعلم ان الصفة الفكرية للقرن التاسع عشر ذات اتجاه تاريخي وان الكثير من مفكريه وعلماؤه البارزين كانو يدرسون وقائع ابحاثهم على وفق الطريقة المنشأية أي من خلال اصولها, وكذلك فأن محاولات المفكرين في جعل النقد علميا باعتبار ان العلم ارفع منجزات العقل البشري قد اثرت تأثيرا كبيرا على ظاهرة النقد إذ درست العديد من الظواهر بصورة علمية كالسلوك الفردي والاجتماعي من خلال الظواهر النفسية وكالدين باعتباره ظاهرة اجتماعية(على حد زعمهم) ولفض الاشتباك الفكري بين النقاد وارائهم الذاتية سعى النقاد للتعامل مع الفن بعدّه ظاهرة علمية, ويعد المنهج الماركسي ونظرية تين في النقد الاجتماعي وتيار الفرويديون ما اهم نماذج النقد السياقي. النقد الانطباعي: نشأ هذا الاتجاه النقدي في مطلع القرن العشرين كرد فعل على الثغرات التي لم تعالج في النقد السياقي وما مقولة (اوسكار وايلد بان: الفن انفعال) الا دليل على الرغبة في الافلات من الصفة الموضوعية والتاكيد على الجانب الذاتي للفن وبالتالي النقد وهذا ما يؤكده (اناتول فرانس بقوله اننا لايمكن ان نخرج عن انفسنا) وبالتالي تحدد النقد بموقف الناقد من العمل الفني ومدى انفعاله تجاهه بمنتهى الحرية دون اللجوء لأي نوع من القواعد ودون الاكتراث بالمحركات السياقية بالتالي تحول النقد الى تدفق انفعالي صرف. النقد القصدي: اتجاه نقدي نشأ كرد فعل لما تداعى عن النقد الانطباعي من طروحات فكرية ويسعى هذا الاتجاه الى تقصي ما يرمي اليه المبدع من عمله الفني والدافعية التي جعلته يشكل عناصره بالكيفية التي نراها عليه, وتعد النظرية القصدية في النقد دعوة للتعاطف الجمالي مع العمل وعدم التعامل معه بروح غريبة عن روح الفنان, لكن ما يؤخذ على هذه النظرية استحالة التوصل الى المخطط الذهني للفنان وهدفه الذي رام تحقيقه. النقد البنيوي/السيميائي: اعتمد هذا الاتجاه النقدي على مبدأ رؤية الشيء بذاته والتركيز على الطبيعة الباطنية الذاتية للعمل وتجنب كل ما هو خارجه كالقواعد التي يحاكم العمل بموجبها او الظروف التي تؤطر التجربة الفنية او المجتمع الذي عاشه الفنان او التاكيد على مشاعر الناقد او الهدف الذي يسعى الفنان لتحقيقه , أي ان النقد الحديث هاجم كل الاتجاهات النقدية الاخرى وتوافقت اراؤه مع الحركة الشكلية في النقد ولا سيما طروحات دي سوسير وريتشارد بيرس في الالسنية وجماعة الشكلانيين الروس والدعوة الى فحص النصوص من الداخل وكشف علاقات العناصر ضمن بنية العمل الفني والسعي لكشف حركة العلامة من حيث تاثيرها النفسي او اشتغالها ضمن الاطار الثقافي العام بعيدا عن ثقافة المنتج او تاريخانية النتاج. النقد التداولي: اتجاه نقدي يجمع بين تحليل ظروف الخارج وعلاقات الداخل , اي فحص النصوص الابداعية على وفق رؤية شمولية تكاملية تؤكد

د: فلاح شكرجي – النقد البناء Read More »