الفن الإسلامي: حين تحوّل الجمال إلى عبادة

لم يكن الفن الإسلامي وليد الترف أو المحاكاة، بل كان ولادة جديدة للروح، وخطوة في درب النور، وتحولاً عميقًا في وجدان الإنسان الذي دخل الإسلام، لا كدين فقط، بل كمنظومة حياة، وذوق، ومعنى.

القرآن: صوت الحرف وروح الفن

منذ أن تجلّى القرآن الكريم على لسان النبي ﷺ، أدرك المسلمون أن للحرف صوتًا وإيقاعًا ونبضًا. لم تعد الحروف أدوات صمّاء، بل غدت نوافذ للمعنى، ومآذن تنادي بالحق، فكان الخط العربي الوسيلة الأقدس لتسجيل هذا الذكر، ولحفظه كما وعد الله: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".

وهكذا بدأ الفن الإسلامي بخط الحرف، لكنه لم يقف عنده. لقد تمدّد، تشكّل، تسلّل إلى الجدران، والمحاريب، والمنابر، والسقوف، والقلوب.

الحصان العربي: حكاية ممهورة بالحرف والزخرفة على ظهور الخيول، ارتفعت رايات النصر، وتزينت السروج برقوش من نور، كأن كل فرس تحمل على رقبتها بيتًا من الشعر، أو آية من كتاب الله، تُزفّ إلى المعركة كما تُزف العروس إلى الفجر.

"فالعاديات ضبحًا، فالموريات قدحًا، فالمغيرات صبحًا" هكذا وصف الله اندفاعها، وسرعتها، وغبارها الذي يملأ الأفق رهبة. ليست الخيل في الإسلام مجرّد دابة، بل رمز للقوة، والجمال، والوفاء، كما في قوله تعالى: "وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تُرهبون به عدوّ الله وعدوّكم..."

الفن هنا لم يأتِ ليتزيّن، بل ليُقاوم، ويُلهب النفوس، ويخلّد البطولة في الحرف، وفي النحاس، وفي الجلد.

من المحراب إلى المئذنة: هندسة الروح دخل الإسلام إلى بلاد فارس، والشام، ومصر، والأندلس، فحمل معه الخط والزخرفة، واختلطت المآذن بالقباب، وتلاقت الأقواس البيزنطية مع الوحدات الهندسية، فولدت الريازة الإسلامية – عمارة لا تبحث عن الترف، بل عن التسامي. لم تُصوَّر الوجوه، لكن رُسمت الأرواح. لم تُجسَّد الكائنات، بل تجلّت الكلمات. وهكذا، ظهرت "الثيمة الإسلامية" في الفن، من خلال: الزخارف النباتية (الأرابيسك): كرمز للخلق المتجدد واللامحدود. الزخارف الهندسية: كدلالة على النظام الإلهي والدقة الكونية.

الخط العربي: كجسر بين الشكل والمعنى، بين الجمال والعبادة. الفن الإسلامي… تحوّل لا زخرفة لم يكن الفن الإسلامي مجرد رسمة على جدار، بل حدثًا وجوديًا. لقد بدّل ذائقة الإنسان، وجعل من الجمال وسيلة للسمو، ومن الزخرفة طريقًا للتفكر، ومن الإبداع دعوة للتوحيد. لم يعد الفنان يسعى وراء الشهرة أو الذات، بل وراء أثرٍ خالد يحمل رسالة السماء. فإذا تأملت زخرفة على درع، أو كتابة على قبة، أو آية منقوشة على سيف، أو اسم الجلالة على رأس حصان، فأنت لا ترى "فنًا"، بل ترى إيمانًا مشكولًا بالحرف واللون، ومروية إسلامية تنطق بالصمت الجميل.

خاتمة: سيمائية الروح والهوية لقد أوجد الإسلام سيمائية فريدة في فنونه، ليست سطحية ولا زخرفية فقط، بل تمس الجذر، وتعبر عن هوية الإنسان المسلم في كل مكان وزمان. إنها لغة بصرية تقول: > "نحن أمة جعلت من الحرف صلاة، ومن الجمال سبيلًا إلى الله".

#منقول

photo_5217428415102189838_x
August 1, 2025
photo_5217428415102189835_x
August 1, 2025
photo_5217428415102189836_x
August 1, 2025
photo_5217428415102189843_y
August 1, 2025
photo_5217428415102189844_x
August 1, 2025
photo_5217428415102189845_x
August 1, 2025
photo_5217428415102189842_x
August 1, 2025
photo_5217428415102189834_y
August 1, 2025
photo_5217428415102189840_y
August 1, 2025
photo_5217428415102189839_y
August 1, 2025
photo_5217428415102189837_y
August 1, 2025
error: Content is protected !!