حسن الشرق (28 مايو 1949 - 23 نوفمبر 2022) كان فنانًا تشكيليًا مصريًا تميز برسم لوحاته بموهبته الفطرية حيث لاقت أعماله قبولًا ونجاحًا على المستوى الدولي وُلد حسن الشرق في قرية زاوية سلطان التابعة لمركز المنيا وكان اسمه الكامل "حسن عبد الرحمن حسن" بينما اشتهر باسم "حسن الشرق"كان والده يعمل جزارًا وكان يتمنى أن يسير ابنه على خطاه لكن موهبة حسن الفنية قادته إلى مسار مختلف كونه الابن الأكبر بين ستة أشقاء، قضى طفولته في قريته الواقعة شرق النيل محاطًا بطبيعة خلابة وأضرحة أولياء الله الصالحين التي أثرت في مخيلته الفنية.
في طفولته لاحظ أحد مدرسيه موهبته في الرسم عندما رأى رسوماته على الحوائط والمقاعد المدرسية فشجعه على رسم الوسائل التعليمية المستخدمة في شرح الدروس نشأ حسن في بيئة تجمع بين الريف والمدينة مما جعله يرسم مفردات البيئة المحيطة به مثل النيل والخضرة والمنازل ذات القباب المميزة للصعيد استخدم في بداياته الطباشير والأقلام العادية قبل أن ينتقل إلى الرسم على الورق لم يكمل تعليمه واضطر للعمل في جزارة والده لكن شغفه بالفن لم يمت فكان يرسم على ورق اللحم من دكان والده مستخدمًا سعف النخيل كفرشات وألوانًا طبيعية مستخلصة من الكركم والعرقسوس وزهرة الغسيل.
في عام 1985، جاءت نقطة التحول في حياته الفنية عندما زارت المستشرقة الألمانية أورزولا شيورنج محافظة المنيا وشاهدت أعماله فأعجبت بها ونظمت له معرضًا في القاهرة حقق نجاحًا كبيرًا من هناك، انطلقت مسيرته الدولية حيث أقام معارض في ألمانيا بمدينتي شتوتجارت وميونيخ ثم في فرنسا عام 1991، وتحديدًا في متحف اللوفر، ثم في سويسرا في عام 1994 أقام معرضًا في قصر برج برنبخ الشهير بألمانيا وحصل على مفتاح مدينة نيولابك الألمانية تقديرًا لأعماله الفنية المميزة.
تحدث حسن الشرق عن تأثير طفولته على فنه قائلًا إن ذكرياته مع جدته والألعاب الشعبية مثل السيجا والتحطيب بالإضافة إلى العادات والتقاليد الصعيدية كانت مصدر إلهام دائم له كما استلهم من حكايات شعراء الربابة والموالد الشعبية التي كانت تزخر بالحكايات عن الحب والعشق والخيانة تعاون مع الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي في أعمال مستوحاة من "ألف ليلة وليلة" و"السيرة الهلالية" والتي مثلت جزءًا كبيرًا من إنتاجه الفني.
أقام حسن الشرق متحفًا خاصًا به في قريته على مساحة 1800 متر ضم ثلاث قاعات لعرض لوحاته وقاعة للمقتنيات التي جمعها من خلال تبادل أعماله مع فنانين عالميين ضم المتحف نحو ألف لوحة وأصبح وجهة للسياح والمهتمين بالفن رغم عدم إدراجه رسميًا على خريطة المتاحف المصرية حرص دائمًا على الظهور بالزي الريفي المصري البسيط في معارضه الدولية مؤكدًا أن العودة إلى التراث والجذور هي طريق الفن نحو العالمية.
من بين اللوحات التي اعتز بها، لوحة "مدرسة البقر" التي فازت بالجائزة الأولى في معرض أمانة الشباب عام 1972 بالإضافة إلى لوحات تجسد ليالي ألف ليلة وليلة والسيرة الهلالية والعادات الصعيدية مثل سبوع المولود والزار وليلة الحنة تميزت لوحاته بوجوه شخصياتها التي تأخذ شكل القباب وهو ما يعكس الطابع المعماري المميز للصعيد.
كان حسن الشرق عضوًا في نقابة الفنانين التشكيليين وأتيليه القاهرة والمجموعة الأوروبية للفن الحديث في مدينة نيوربك الألمانية. أقام العديد من المعارض الخاصة مثل معرضه بقاعة بيكاسو بالزمالك عام 2006 ومعرض "مواويل وأشعار" بقاعة قرطبة عام 2008 ومعرض "حكايات شهر زاد" عام 2010 كما شارك في معارض جماعية محلية ودولية منها بينالي تشيكوسلوفاكيا ومعارض في ألمانيا وفرنسا وسويسرا.
أصدر الألمان كتابًا عن تجربته الفنية بعنوان "حسن الشرق والريف المصري" مترجمًا بعدة لغات كما ألف كتابًا آخر بعنوان "جهود الفنان الذاتية" يتناول مسيرته الفنية على مدى 30 عامًا ترك إرثًا فنيًا كبيرًا تتوزع مقتنياته بين متاحف في ألمانيا وفرنسا وسويسرا والولايات المتحدة ودول عربية مثل السعودية والكويت والمغرب.
توفي حسن الشرق يوم الأربعاء 23 نوفمبر 2022 تاركًا وراءه إرثًا فنيًا غنيًا ظل شاهدًا على عبقرية المكان والتراث الذي استلهم منه طوال مسيرته التي امتدت لأكثر من 40 عامًا.
