يُعد الفنان الإماراتي فيصل عبد القادر أحد الأسماء البارزة في المشهد التشكيلي الخليجي، حيث تتميز أعماله الفنية بروح تراثية أصيلة تحمل بين ثناياها ذاكرة الأماكن والأزمنة. تُجسّد لوحاته الواقعية مشاهدَ حيّة من الماضي، تنقل بساطة العيش في الأيام الخوالي عبر تفاصيل دافئة تلامس شغاف القلب، مما يجعله أحد أبرز الحُرّاس الأمينين على التراث البصري للإمارات.
ينظر فيصل إلى الفن بوصفه لغة عالمية تتخطى الحدود، أداةً للحوار الحضاري وبناء جسور التواصل بين الثقافات. ومن خلال رؤيته هذه، يصوغ عالمه التشكيلي بأسلوب متميز يترك أثراً عميقاً في المتلقي، حيث يجد كل عمل فني لديه طريقته الخاصة في سرد القصص والتعبير عن التجارب الإنسانية بمختلف أبعادها.
تعود جذور شغفه الفني إلى مرحلة الطفولة، حيث نشأ محباً للطبيعة والهدوء، لكن ظروف عمله في القطاع المصرفي أجلت انطلاقته الفنية الحقيقية حتى عام 2012 بعد تقاعده. ومنذ ذلك الحين، كرّس نفسه تماماً لتنمية موهبته، ليتحوّل مع الوقت إلى أحد أبرز ممثلي المدرسة الواقعية في الفن التشكيلي الإماراتي.
يتميز أسلوب فيصل بالتركيز على تصوير الطبيعة والبورتريه، مستلهماً مادته الإبداعية من البيئة المحلية والتراث الغني للإمارات. يرى في فنه رسالةً لتخليد العادات والتقاليد والحرف اليدوية التي تشكّل جزءاً من الهوية الوطنية، كما يعمل على إحياء الذكريات عبر تصوير الشخصيات والأماكن التي تحمل دلالات تاريخية، ساعياً إلى جعل هذا الإرث حياً في أذهان الأجيال القادمة.
اعتمد الفنان على تطوير مهاراته بشكل ذاتي، من خلال المطالعة المستمرة في كتب الفنون وزيارة المتاحف العالمية، حيث اطّلع على تجارب كبار الفنانين وتقنياتهم المتنوعة. أتاحت له هذه الرحلة الفنية إتقان مختلف الوسائط من الألوان الزيتية والمائية إلى الرسم بالقلم الرصاص وألوان الأكريليك، مما وسّع من آفاق تعبيره الفني.
يؤمن فيصل بدور الفنان المحوري في حفظ التراث ونقله للأجيال بشكل جذاب ومؤثر. وقد تجسّد هذا الإيمان من خلال مشاركته الفاعلة في العديد من المعارض الجماعية والفردية، كان أبرزها معرضه الشخصي "ذكريات" الذي أقامه في مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية عام 2016. كما يخطط حالياً لمعرض جديد يضمّ مسيرته الفنية منذ البدايات، ليقدّم من خلاله رؤيته للتراث المحلي بصورة فنية راقية.
تحتل بعض اللوحات مكانة خاصة في وجدان الفنان، كتلك التي تصوّر "الرجل العجوز" حاملاً فانوسه على شاطئ البحر ليلاً، حيث تختزل اللوحة قصة كفاح جيل بأكمله. مثل هذه الأعمال لا تمثل مجرد مشاهد فنية، بل نوافذ تطل على تاريخ المجتمع وعلاقته الوثيقة بالبحر الذي كان مصدر رزق وحياة.







