الأمير بدر بن عبد المحسن

ما بين ميادين الكلمات ويراع الأحرف والنغمات وازدحام الألوان مع الأقلام، نبغ وبرع وتفرد وتمرد، فأصبحنا نسمع ونرى، تلامسنا الكلمات بالنغمات وتأسرنا اللوحات برموزها وألوانها بأجمل الضربات. قال ذات يوم “منذ عرفت نفسي وأنا أرسم”.. فكانت هذه الموهبة “فطرة” جعلته في كل مرة يرسم “فكرة” ويرمز في كل لوحة للعالم ‏برموز يجعلهم يُطِيلون النظر، متسائلين ماذا يقصد يا ترى؟ فيكثر التأويل ويطول التعبير ويصبح النقد أسيرًا لتلك اللوحات المليئة بالحكايات والمواعظ والعبر والمشاعر. من بين تلك اللوحات لوحة “عروس” رسمها رحمه الله بالألوان الزيتية على كانفس مقاسها 40 في 40 وتم الانتهاء منها عام 2009.

نجد أنه رسم المرأة في وضعية الشموخ والأنفة والعزة، متدثرة بالرقة والمشاعر الدافئة، طموحها ليس له حد، أحلامها تخترق خاصرة السماء، لا يستطيع أي شخص أن يكبح جماحها. جميلة كشجرة، معطاءة كشجرة، راسخة قوية كذلك مثل الشجرة، فروعها ‏وأوراقها مثلت الأبناء والأجيال القادمة، فهي تدفعهم دومًا نحو العلا ليرفعوا السارية على القمم العالية. قيمها وعاداتها وتقاليدها تضرب في الأراضين بكل ثبات وهي للأصالة عنوان، وعالمها جميل كسماء صافية.

لوحة عروس
عروس

أما اللوحة الثانية، فقد رسمها بأسلوب تكعيبي جميل، فرسم المرأة وجعل منها رمزًا للرقة والجمال في هذا العالم المليء بالمفارقات والاختلافات، فهو يرى أنها الملجأ الآمن الذي يركن إليه الرجل. فتلك سنة الحياة مودة ورحمة، فألفة وائتلاف رغم الاختلاف.

ونجد في اللوحة الاخيرة رسائل منها إليه ورسائل منه إليها، بعضها يصل والبعض الآخر يظل حبيس ما بين ورقة وقلم، كل جزء من هذه اللوحة نجده كأنه لوحة، تأمل معي أقصى اليمين تجده لوحة وفي الوسط لوحة وعلى يسارها كذلك لوحة، انظر جيدًا هل ترى ما أراه؟ وتشعر بما أشعر به؟ أحاسيس لا يكبحها أي شيء ومشاعر صادقة استطاع أن يقدمها للمتلقي بكل براعة. إنه “البدر” بدرٌ سما بين البدور وفي الشعر ضرغام جسور، توكأ عليه بيت القصيد، وكان في العليا يُسْتَدَلُ به في طرقات الشعر، ومتاهات الحروف، ‏مهندس الكلمات وعراب القوافي، يحمل ما بين يديه فرشاة وقلمًا، فأبهر الدنيا بأحلى النغم، عاش في قصور الشعر أميرًا وازدحمت حوله الأحرف والكلمات وكذلك الفرشاة والألوان علها تحظى بيوم تكون فيه تحت لوائه، وبين أقلامه وألوانه، إنه الأمير بدر بن عبد المحسن طيب الله ثراه، الشاعر الفنان مرهف الحس الذي جعل من لوحاته أشبه بالأحاجي المزدحمة بالكثير من المعاني الكامنة والمشاعر المتدفقة الصادقة، المزدحمة بالقيم والعادات، فجعلها بألوانه رموزًا ودلالات يفك شفرتها المتلقي، فما أروعها من رموز وما أجملها من دلالات.

image_6487327-4-259×300
July 25, 2025
image_6487327-5-177×300
July 25, 2025
image_6487327-3-201×300
July 25, 2025
FD88EBB3-669A-4AB7-A4E0-067AB9FFFE43-300×196
July 25, 2025
error: Content is protected !!