يُعد فن الخيوط، أو ما يُعرف بالفيلوغرافيا، شكلاً جديدًا من أشكال التعبير الفني، يجمع بين الدقة الهندسية، والخامات النسيجية، والإبداع المعاصر. وبعيدًا عن كونه مجرد حرفة يدوية أو ممارسة تزيينية، يستكشف هذا الفن أشكالًا معقدة وحساسة، ويستحق مكانته الكاملة ضمن الفنون الجميلة، لما يتميز به من غنى في التكوينات وعمق في الرسائل التي يُمكنه إيصالها.
وقد وُلد هذا الفن في أواخر القرن التاسع عشر كأداة تربوية، قبل أن يتحوّل إلى ممارسة فنية قائمة بذاتها خلال ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. ويشهد اليوم نهضة عالمية، حيث يتبناه جيل جديد من الفنانين لاستكشاف إمكاناته الجمالية والرمزية والعاطفية. يُنظر اليوم إلى فن الخيوط كوسيلة تعبير معاصرة، تمزج بين التقاليد والحداثة، وبين البنية الرياضية والحسّ الشخصي. فهو أكثر من مجرد زينة؛ بل يُعد لغة بصرية، وشكلًا من أشكال الذاكرة، وأداة للحوار بين الثقافات.
لكن فن الخيوط لا يقتصر على المجال الفني فقط، بل يجد له تطبيقات في مجالات أخرى، منها: - في التربية، حيث يُمكنه أن يُسهم في تنمية المهارات الحركية الدقيقة لدى الطفل، وتعزيز التفكير المنطقي، وتغذية الإبداع؛ - في العلاج بالفن، يمكن أن يساعد على تحسين التركيز، وبثّ الطمأنينة، وتسهيل التعبير عن الذات؛ - في التصميم الغرافيكي، والعمارة الداخلية، وحتى في تنظيم الفعاليات أو التواصل البصري، يمكن الاستعانة بفن الخيوط لإنشاء تركيبات فنية، شعارات، أو حروف ثلاثية الأبعاد. وتُظهر هذه الاستخدامات المتعددة أن فن الخيوط هو وسيلة متعددة التخصصات، تقع في ملتقى عدة مجالات. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به للاعتراف بقيمته الحقيقية واستثمار إمكاناته بشكل كامل.