أشهر لوحة يابانية

في شتاء العقد الثالث من القرن التاسع عشر، نحتَ الفنان العجوز "هوكوساي" على لوح خشبي مشهدًا صار أيقونةً للفن العالمي: "الموجة العظيمة قبالة كاناغاوا". تظهر اللوحة موجةً زرقاءَ عملاقةً كتنينٍ بحري، تهدد ثلاثة قوارب صيدٍ هزيلة، بينما يقف جبل فوجي المقدس في الأفق صامتًا صغيرًا، كتذكيرٍ بضآلة البشر أمام جبروت الطبيعة. ما جعلها أشهر لوحة يابانية هو اتحاد ثلاث اسباب:

أولاً: جرأة هوكوساي. استخدم تقنية "أوكيو-إيه" (الطباعة الخشبية) بطريقة ثورية، مستفيدًا من صباغ "الأزرق البروسي" المستورد حديثًا، لخلق إحساسٍ بالحركة والعمق. زاويته المنخفضة جعلت الموجةَ تندفع نحو المشاهد وكأنها حية.

ثانيًا: رحلتها عبر المحيطات. في منتصف القرن 19، حمل التجار الأوروبيون نسخًا رخيصةً من اللوحة إلى باريس. هناك، صدمت فناني أوروبا. فان غوخ انبهر بتدفقها، ومونيه جمع أعمال هوكوساي، فأشعلت موجة "الجابونيزم" التي غيّرت الفن الغربي.

ثالثًا: فلسفتها الخالدة. لم تكن مجرد منظر بحر، بل رمزٌ للتوازن بين جمال الطبيعة ورهبتها. القوارب تمثل صراع الإنسان، والموجة تجسيد لقوة لا تُقهَر، وفوجي رمز الأبدية. هذا العمق جعل كل ثقافة تتلمس فيها معناها الخاص. سهولة نسخها الخشبية جعلتها "فن الشعب"، فانتشرت في بيوت الصيادين وقصور النخبة.

ومضة ..الحياة موجة عاتية.. إما أن تركبها بشجاعة، أو تغرق في خوفك".

#أحمد معوض