اللوحة التي أبدعها الفنان العراقي **جمال البياتي** تنبض بالحياة والتفاصيل، وتحمل بين طيّاتها روح الحرف التقليدية في أجواء شرقية أصيلة. في هذا العمل، لا يكتفي الفنان بتوثيق مشهد حرفيّ عابر، بل يذهب أبعد من ذلك، ليصوغ حكاية متكاملة تنطق بألوانها وملامحها وروحها.
نرى في اللوحة حرفيَّين وسط مشغل تقليدي، محاطين بأدواتهم وأعمالهم النحاسية المذهلة، التي تعبّر عن تراث غنيّ بالزخرفة والفن الإسلامي العريق. أحدهما جالس يطرق على صفيحة نحاسية بحرفية عالية، والآخر واقف منهمك في حفر أو نقش قطعة كبيرة، يبدو وكأنها تحفة فنية في طور الاكتمال. خلفهم باب أزرق يزدان بزخارف ذهبية، وجدران مليئة بالتفاصيل التي تأسر العين، من بلاطات الفسيفساء، إلى النقوش الخشبية، وحتى الزينة الجدارية.
العمل يفيض دفئًا من خلال الألوان الغنية—الأحمر، الأزرق، الذهبي—التي استخدمها البياتي بذكاء لإبراز فخامة التفاصيل وإحياء أجواء الورشة. الأرضية المفروشة بالسجاد الشرقي تزيد من عمق المكان وحميميته، وتدعو المُشاهد للدخول في عوالم هؤلاء الحرفيين، ليس فقط كمراقب، بل كشاهد على تراث وثقافة تُنقل من جيل إلى جيل.
**هذا العمل ليس مجرد تصوير لحرفة، بل هو احتفاء بالهوية، وباليد التي تصنع وتبدع.** جمال البياتي، بفرشاته الماهرة، لا يسلط الضوء فقط على الجمال البصري، بل يمنحنا لحظة تأمل في قيمة العمل اليدوي، وعمق التاريخ الذي يحمله كل نقش وكل زخرفة.
