مخلوقات تخرج من الجحيم.. وفاكهة تأكل البشر! أسرار أغرب لوحة في التاريخ"
"حديقة المباهج الأرضية: أحجية بوش التي حيّرت العالم منذ 500 عام!" في زاوية من متحف ديل برادو بمدريد، تقبع لوحة تدفع كل من يقف أمامها للتساؤل: هل رسمها نبيٌّ متنبئ بالمستقبل، أم مجنون عبقري؟إنها "حديقة المباهج الأرضية" لهيرونيموس بوش، العمل الذي ظل لغزًا منذ القرن الـ16 حتى اليوم. تفتح اللوحة الباب على عالم من الهلوسات المرسومة بدقة مذهلة مخلوقات نصف بشرية ونصف حيوانية، آلات تعذيب تسبق عصرها بمئات السنين، وجموع من الناس يسبحون في بحيرات من المتعة والرذيلة داخل فواكه عملاقة! المشهد أشبه بحلم كابوسي لطفل تناول جرعة زائدة من الحلوى، لكنه في الحقيقة نقد لاذع للمجتمع الديني والفساد البشري الأغرب أن بوش رسم هذه الرؤى قبل ظهور السريالية بقرون، مما يجعل البعض يعتقد أنه تنبأ بفناني القرن الـ20 مثل دالي. اللوحة مقسمة لثلاثة أجزاء:
"الجنة" (براءة مفقودة) "المباهج الأرضية" (الفساد البشري في أوج بهرجه) "الجحيم" (عالم من العذابات الخيالية)
لكن الجزء الأوسط هو الأكثر إثارة، حيث يتحول البشر إلى دمى تلهو في عالم من الجنون، وكأن بوش يقول: "هذه هي البشرية حين تنسى روحها!" "كلما حدقت في اللوحة، اكتشفت تفصيلًا جديدًا يجعلك تتساءل: ما الذي كان يدور في عقل هذا الرجل؟" اليوم، تظل "حديقة المباهج الأرضية" أحجية فنية لم تُحل تاركة لكل جيل تفسيرًا جديدًا. هل هي تحذير من الخطيئة؟ أم سخرية من الكنيسة؟ أم مجرد خيال فنان كان أغرب من لوحته نفسها؟
في القسم الأخير، ينفتح باب الجحيم على مصراعيه ليكشف عن فانتازيا مرعبة من العذاب الهستيري. تتوسط اللوحة خنزير متأنق بزي راهبة، وقفته المهيبة تنضح خبثاً وهو يجبر ضحية عارية على توقيع عقد مع الشيطان. المشهد لا يقف عند هذا الحد، فذاك الخنزير الشيطاني يلتهم ضحاياه الواحد تلو الآخر، ثم يقذف بهم في حفرة سوداء لا قعر لها، وكأنه يرمز إلى دوامة الخطيئة التي لا مفر منها. على الجانب، تتحول آلة موسيقية إلى أداة تعذيب. شيطان عازف ينفذ حكم الإعدام على ضحيته، بينما يلهو آخرون برسم نوتات موسيقية على مؤخراتهم في سخرية مريبة من الفن المقدس. الموسيقى هنا ليست للترفيه، بل هي نغمة العذاب الأبدي. وفي قلب هذه الفوضى، يطل علينا مخلوق غريب بملامح بشرية، يعتقد بعض النقاد أنه قد يكون صورة ذاتية للفنان نفسه. عيناه تتبعان المشاهد أينما تحرك، وكأنه الحارس الأمين لهذا العالم السفلي، أو ربما الضحية الأولى التي وقعت في شرك هذه الكوابيس. كل زاوية في هذا المشهد تحمل طبقات من الرمزية، كل ظل يخفي قصة، كل تفصيل يطرح عشرات الأسئلة. بوش لم يرسم الجحيم كما تخيله، بل صوّر رؤيته الخاصة للفساد البشري، للخطيئة التي لا تغتفر، للعذاب الذي نصنعه بأيدينا. هذه اللوحة ليست مجرد عمل فني، بل هي مرآة مظلمة تعكس أعمق مخاوف العصور الوسطى، وأكثر هواجس البشرية قتامة. بعد خمسة قرون، ما زلنا نقف أمامها مرتعبين، متسائلين: هل كان بوش ينظر إلى الجحيم حقاً، أم أنه رأى ما نخشى أن نعترف به في أنفسنا؟
كما انه لدينا في هذا الجزء شيطان يعدم إنسان على أله عزف عملاقة. وأيضا يرسم نوتات موسيقية على مؤخره أحدهم...
بعض الفنانين عزفو هذه النوتات وهذه هي النتيجة